اللواء الركن محمد الخضيري الجميلي – سيرة قائد من ميادين الحزم إلى منابر إعداد القادة
1. المقدمة
في زمن تعصف فيه التحديات بالأمم، ويعلو فيه صوت الأزمات على همس البناء، لا تنهض الجيوش إلا برجال صنعوا من الانضباط روحًا، ومن الحكمة سلاحًا. من بين هؤلاء يبرز اللواء الركن محمد الخضيري الجميلي، قائد بالفطرة، ومعلّم بالتكوين، نقش اسمه في سجل الميدان، وترك أثره في عقول القادة الناشئين، ليمثّل نموذجًا فريدًا للقائد المفكر.
⸻
2. النشأة والتكوين
أ. النسب والبيئة
وُلد محمد الخضيري في بيئة عربية أصيلة من عشيرة الجميلة، إحدى العشائر العراقية المعروفة بقيمها العالية في الكرم والفروسية والانتماء الوطني. وقد كان للنشأة الريفية الممزوجة بحب الأرض والانضباط العشائري دور فاعل في تشكيل نواة شخصيته .......
ب. التعليم العسكري
التحق بالخدمة العسكرية باكرًا، وكان من أوائل المتفوقين في الكلية العسكرية، ما أهّله سريعًا للدخول في دورات الأركان المتقدمة، ثم تدرّج في مناصب قيادية متعددة، أثبت فيها تميزًا على مستوى التخطيط، والتنفيذ، وبناء فرق العمل.
⸻
3. السيرة الميدانية والقيادية
أ. من الميدان إلى الفكر
خدم اللواء الركن محمد الخضيري في عدة تشكيلات قتالية، قاد خلالها وحدات في ظروف قاسية، وشارك في معارك استراتيجية كان له فيها بصمة واضحة في صياغة القرار العملياتي. كان حضوره يفرض النظام، وتخطيطه يسبق خصمه بخطوة، وإدارته للمواقف الطارئة تجمع بين الحسم والمرونة.
ب. البعد التحليلي
عُرف عن سيادته نزعة تحليلية عميقة، جمعت بين التجربة الميدانية والفكر العسكري المعاصر، ما أهّله ليكون مرجعًا في دراسة المعارك وتحليل الأداء العملياتي، وعلى رأسها تحليل معركة تحرير الموصل، التي قاد دراستها ضمن مشروع تدريبي لطلبته، بأسلوب أكاديمي واحترافي.
⸻
4. محطة مركز إعداد القادة
أ. انتقال الفكر إلى صناعة القادة
لم يكن انتقال اللواء الركن محمد الخضيري إلى مركز إعداد القادة نهاية لمسيرته الميدانية، بل كان بدايتها الثانية؛ حيث تحوّل من قائد في الجبهة إلى صانع قادة. قدّم في المركز منهجًا مختلفًا في التدريب، اعتمد على:
• دمج الخبرة بالمعلومة.
• ترسيخ الهوية القيادية لدى الضباط الشباب.
• توظيف الأحداث الواقعية كنماذج تدريبية حيّة.
ب. أسلوبه في الإعداد
تميّز أسلوبه بالتالي:
• التشجيع على الفكر النقدي لدى المتدرب.
• الاعتماد على المحاضرات التفاعلية بدل الأسلوب التلقيني.
• الربط بين القيم العسكرية والأداء القيادي.
ج. إشرافه على تطوير المناهج
ساهم بشكل فعّال في مراجعة وتطوير مناهج إعداد القادة، مركّزًا على المهارات الاستراتيجية، والتخطيط تحت الضغط، وإدارة الموارد في ساحة المعركة، مما ترك تأثيرًا مستمرًا في كفاءة خريجي المركز.
⸻
5. السمات الشخصية
• الصرامة المنضبطة: قائد لا يتهاون مع التقصير، لكنه لا ينسى جانب الرحمة في القيادة.
• الهدوء الحكيم: قلّما يرتفع صوته، لكن كلماته تسلك طريقها بثقة إلى القلوب والعقول.
• القدرة على الإلهام: يملك قوة التأثير النفسي التي تجعل من الجنود أتباعًا أوفياء، ومن الضباط قادة مبادرين.
⸻
6. الإنتاج المعرفي
• يقدم خواطر صباحية يومية تحمل بين سطورها الأمل والانضباط.
• يكتب في القيادة والإدارة العسكرية برؤية تحليلية عميقة.
• يشرف على ورش دراسية وتحليلية لصقل الجيل الجديد من الضباط القادة.
⸻
7. الخاتمة
ليس من السهل أن يُجمع في رجلٍ واحد سيف الميدان وقلم الحكمة. لكن اللواء الركن محمد الخضيري الجميلي فعلها؛ فكان مدرسة متحركة، وقائدًا يُبنى به لا عليه، يحمل إرث العسكر وهمَّ الأمة، ويكتب بفكره سطور المستقبل في قلب كل ضابط مرّ تحت قيادته.
⸻