مبادئ بناء قوات مسلحة متكيّفة مع متطلبات الحرب الحديثة
1. المقدمة
أ. أولاً. تشهد ساحة الصراع تحوّلاً نوعياً: لم تعد الحرب مقتصرة على المواجهة المادية بين جيوش منظّمة، بل امتدت لتشمل ميادين المعلومات والفضاء السيبراني والاقتصاد والطاقة والمجتمع.
ب. ثانياً. تهدف هذه الدراسة إلى بيان خصائص الحرب الحديثة، واستنتاج متطلبات بناء قوات مسلحة قادرة على الصمود وتحقيق التفوق في هذه البيئة المركبة.
2. تعريف الحرب الحديثة وخصائصها الرئيسة
أ. أولاً. التعريف: الحرب الحديثة هي صراع متعدد الأبعاد يجمع بين الوسائل التقليدية والرقمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعتمد على التحكم بالمعلومة والقدرة على التكيّف السريع.
ب. ثانياً. الخصائص:
أ. أولاً. تعدد الميادين: بر، جو، بحر، فضاء، سيبر، وميدان الإعلام.
ب. ثانياً. سرعة الاتصالات وصغر زمن القرار: المعلومات اللحظية تغيّر مسارات المعارك.
ج. ثالثًا. اندماج الإنسان والآلة: أنظمة مساعدة للقرار، منصات لا مأهولة، وتحليل بيانات كبير.
د. رابعًا. الحرب غير المتكافئة والحروب الهجينة: مزج العمليات التقليدية بالإرهاب، الحرب الإلكترونية، والضغوط الاقتصادية.
هـ. خامسًا. الحرب الإعلامية والنفسية: استهداف العزيمة والشرعية عبر الإعلام ووسائل التواصل.
3. عناصر القوة في سياق الحرب الحديثة
أ. أولاً. المعلومة والاستخبارات: قدرة جمع، تحليل، وتمويل المعلومات الدقيقة في الزمن الحقيقي.
ب. ثانياً. التكنولوجيا والتشغيل الآلي: طائرات ومركبات ومنصات لا مأهولة وأنظمة دعم القرار.
ج. ثالثًا. القدرة السيبرانية: دفاع هجومي واستباقي ضد الفضاء الإلكتروني.
د. رابعًا. المرونة اللوجستية: شبكات إمداد ذكية وقابلة لإعادة التكوين سريعاً.
هـ. خامسًا. الشرعية والسياسة الأمنيّة: المحافظة على دعم الداخل والحلفاء وتقليل الكلفة السياسية للعمليات.
4. متطلبات استراتيجية لبناء قوات مسلحة متكيّفة
أ. أولاً. رؤية استراتيجية مرنة: صياغة استراتيجية وطنية تدمج القدرات التقليدية مع القدرات الرقمية والسيبرانية والمعلوماتية.
ب. ثانياً. سياسة تسليح موجهة بالمعلومة: الاشتراط بأن يكون كل نظام قابلًا للاندماج في شبكة معلوماتية وطنية آمنة.
ج. ثالثًا. استراتيجية شراكات: تحالفات دفاعية، تعاون صناعي و أكاديمي محلي وإقليمي.
د. رابعًا. بناء احتياطي معرفي واحتياطي تقني: تطوير صناعات وطنية للأنظمة الحساسة والاحتفاظ بمخزون تقني وسيط في أوقات الأزمات.
5. التنظيم والهيكلة المؤسسية
أ. أولاً. هيكلة شبكية مرنة: تقليل البيروقراطية المركزية لمنح وحدات ميدانية صلاحيات قرارية مبنية على معلومات دقيقة.
ب. ثانياً. وحدات متكاملة متعددة الوظائف: تشكيل كتائب ووحدات تجمع قدرات الاستخبارات، السيبر، ونظم الاستطلاع بدلاً من تشتت هذه القدرات.
ج. ثالثًا. مراكز قيادة رقميّة متقدمة: مراكز c4isr موحّدة وقابلة للعمل في بيئات متقطعة الاتصالات.
د. رابعًا. آليات إدارة مخاطر تكنولوجية: فرق استجابة سريعة للثغرات والتشغيل في حالات تعطل الأنظمة.
6. التدريب والتأهيل البشري
أ. أولاً. مناهج تدريب هجينة: محاكاة رقمية، تدريب سيبراني، تمارين مشتركة مع القوى المدنية.
ب. ثانياً. تكوين الضابط المعاصر: إدراج مواد عن تحليل البيانات، أخلاقيات الاستخدام، وقانون الحرب السيبرية ضمن مناهج كليات الأركان.
ج. ثالثًا. ثقافة القدرة على الابتكار: حواضن فنية داخل المؤسسات وبرامج تشجيع لتطوير حلول محلية.
د. رابعًا. الاستعداد للضغط النفسي والمعلوماتي: تدريب على مقاومة الحرب النفسية والتمويه الإعلامي.
7. التسليح والتقنيات المطلوبة
أ. أولاً. أنظمة لا مأهولة ومشتركة: طائرات ومركبات بحرية وبرية لا مأهولة قابلة للتشغيل الجماعي.
ب. ثانياً. منصات استشعار متكاملة: دمج الأقمار، الطائرات، وأنظمة الأرض في شبكة استخبارات فورية.
ج. ثالثًا. حلول سيبرانية متقدمة: دفاع شبكي، مشاركة تهديدات آلية، وأنظمة إنذار مبكر.
د. رابعًا. أنظمة إدارة المعركة الرقمية: أدوات دعم القرار، نمذجة التشغيل، ومحاكاة سيناريوهات معقدة.
8. اللوجستيات وإدارة الإمداد في زمن الحرب الحديثة
أ. أولاً. لوجستيات توقعية: استخدام التحليل التنبؤي لتأمين الإمدادات قبل حدوث العجز.
ب. ثانياً. شبكات إمداد مرنة وموزعة: تقليل نقاط الفشل المركزي وتبني مخزون متنقل ومخفي.
ج. ثالثًا. الأتمتة في المخازن والنقل: روبوتات ومستودعات ذكية لتسريع التوزيع.
د. رابعًا. حماية سلاسل الإمداد: صممها لتكون مقاومة للهجمات السيبرية والفيزيائية.
9. القانون، الأخلاقيات وقيود الاستخدام
أ. أولاً. إطار قانوني واضح: تحديد قواعد الاشتباك لاستخدام المنصات الذاتية والعمليات السيبرانية.
ب. ثانياً. أخلاقيات القتال الرقمي: حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية من تأثيرات الهجمات الرقمية.
ج. ثالثًا. مساءلة وتدقيق: آليات للرقابة القضائية والعسكرية على استخدام التكنولوجيا القتالية.
10. التعاون الدولي والإقليمي
أ. أولاً. تحالفات تبادل معلومات: شبكات مشاركة استخبارية وبَنى تحتية مشتركة لمجابهة التهديدات العابرة للحدود.
ب. ثانياً. تدريبات وتمارين مشتركة: رفع مستوى التوافق العملياتي والاعتيادية على تقنيات الحرب الحديثة.
ج. ثالثًا. اتفاقيات حماية الفضاء السيبراني: نسق مع دول وشركاء لمنع استغلال الفضاء الرقمي ضد الدولة.
11. التهديدات والتحديات المتوقعة
أ. أولاً. فجوة القدرات التقنية: خطر تأخر التجهيز مقابل خصوم متقدمين.
ب. ثانياً. الاعتماد المفرط على الأنظمة الرقمية: تعرّض العمليات لتعطّل شامل عند فقدان الشبكات.
ج. ثالثًا. الحرب المعلوماتية الداخلية: استهداف الشرعية الوطنية عبر حملات تشويه وتضليل.
د. رابعًا. سباق تسليحي تكنولوجي: تكاليف عالية للتحديث المستمر ومخاطر الاعتماد على موردين خارجيين.
12. توصيات عملية موجزة للتنفيذ الوطني
أ. أولاً. وضع استراتيجية وطنية موحّدة للحرب الحديثة تضم الدفاع السيبراني، الاستخبارات، والتسليح الرقمي.
ب. ثانياً. تأسيس مركز وطني للابتكار الدفاعي يجمع المؤسسة العسكرية مع الجامعات والصناعة.
ج. ثالثًا. إعادة هيكلة وحدات الاستخبارات والعمليات لتصبح شبكية ومتعددة التخصصات.
د. رابعًا. برنامج تدريبي وطني للضباط يشمل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وحرب المعلومات.
هـ. خامسًا. بناء قدرات لوجستية مرنة وآمنة رقمياً مع شبكات إمداد موزعة.
و. سادسًا. صياغة أطر قانونية وأخلاقية واضحة لاستخدام التقنيات المتقدمة في العمليات.
13. الخاتمة
أ. أولاً. الحرب الحديثة تفرض إعادة قراءة شاملة لمفاهيم القوة العسكرية؛ القوة الحقيقية تقاس بالقدرة على التحكم بالمعلومة، وحماية الفضاء السيبراني، والمرونة اللوجستية، والشرعية الوطنية.
ب. ثانياً. بناء قوات مسلحة متكيّفة يتطلب توازنًا بين التكنولوجيا والإنسان والقانون، ورؤية قيادية تملك الجرأة على التغيير والتطوير المنهجي.
ج. ثالثًا. من يهيمن على بياناته ويحوّلها لقرار سريع وفاعل سيملك الأفضلية في ميادين
بقلم اللواء الركن محمد الخضيري الجميلي