المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلـــة الغربــــاء وصناعـــة المستقبـــــل


السيف
05-07-2010, 09:07 PM
منذ قرون شاع ذكرهم بين أوساط المجتمع ، شهرتهم طغت في كل المجتمعات ، قدموا جل الخدمات لمنفعة البشر في مختلف شؤون الحياة ، تغلغلوا بعمق بين الجماعات على شكل أفراد ودخلوا قلوب الناس . مارسوا العشوائية بإحتراف التي تضمن لهم البقاء كعيش السمك في الماء ، لا يحكمهم نظام ولا يعرفوا الكيان .... إنهم الغرباء !!!!

فالغرباء : هم جماعات من البشر عاشوا في كل جزء من بقاع الوطن العربي على شكل زرافات صغيرة ، وغالبا ما تجدهم يبتعدوا عن أوساط المجتمعات ويجدوا أنفسهم بعيدا عن الانظار في الأطراف ويعشقوا الانعزالية ، ينتقلوا بشكل سلس ، يحترموا أنظمة المجتمعات أكثر من المجتمعات ولا يعيشوا تحت نظام. يتعارفوا بينهم بشكل غير مألوف بالمجتمعات ،

وتوالت الأحداث بين أوساط المجتمعات وتقلبت الموازين في الحياة ، كل شئ تغير بعوامل التعرية كالأرض ، الحيوانات ، الأشجار وحتى الطيور هاجرت ، وكل شئ تغير أيضا بمجريات الأحداث وقوانين القوة وبرزت جماعات واندثرت جماعات ومع كل هذه التغيرات الغرباء بقوا كما كانوا في سالف الأزمان .

عاشوا البشر في فوضى في حقبة من الزمن تحكمها الأنظمة الوضعية والقوة ، وكانت الفوضى غذاء الروح لأغلبية البشر فهذا لم يعفي تلك المجتمعات المختلفة بإستثناء الغرباء من صنع كيان بأنظمة وضعية والعيش ككتلة واحدة ذات قوة تضمن لهم العيش والبقاء والمشاركة في الخيرات وتبادل المنفعة ودمج دمائهم ببقية البشر وتسطير تاريخ مجيد لأجيال قادمة .

فالغرباء عاشوا تلك الفوضى في زخم التقلبات وصنع الكيانات فلم يستغلوا تلك الفوضى لمنفعة أنفسهم بالعيش كتلة واحدة ويصنعوا الكيان بأنظمة وضعية ، فهم يروا الوحدة والعيش بإنفراد هي الأمان الذي يضمن لهم العيش بسلام ، ولم يعلموا بأنهم ساهموا كثيرا بزرع الفروقات الاجتماعية التي تضمن للمجتمعات المختلفة العيش في رفعة وقوة مقابل مستوى الغرباء وأنهم أساءوا لأجيالهم بإحداث تلك الفروقات الاجتماعية .

فكان يوحى للمجتمعات بأن الغرباء قلة ولا حيلة لهم إلا بالرضا بذلك الحال ، وقد أوهموا الغرباء بذلك ورسخ الوهم بعقولهم وعقول أبنائهم ، وقبلوا ذلك الحال وأصابهم الوهن .

فالغرباء لا يحكمهم نظام ولا يعترفوا بالتنظيمات لافتقارهم العقول النشطة والواعية التي تضمن لهم البقاء ،،فقد أوهموا أيضا بأن تجمعهم يجلب لهم الموت ويكونوا طعما سهلا لبعض الكيانات المختلفة .فعاشوا على شكل جماعات متفرقة صغيرة تنتقل بين مختلف الكيانات لخدمة الكيانات ، فبذلك صنعوا الفروقات الاجتماعية وأحدثوا التغيرات بين أوساط المجتمعات كالعزة والتاريخ والنسب والمجد وتم التدوين على ضوء تلك الممارسات لعشوائية التي وثقت على مر التاريخ وأصبحت مرجع للبشر .

وتوالت الأحداث في حقبة جديدة مشرقة من الزمن كإشراق الشمس وذهبت تلك الفوضى الظالمة والجاهلة مع مغيب الشمس ، وتسارعت الكيانات لحصد جزء من النور المشرق للحصول على موضع قدم لها ولأبنائها ، فكان الطريق ميسر وسهل النيل وفق نظام محكم للجميع محتواه العدل والمساواة ويقضي على الفروقات الاجتماعية .

فكل كيان ضمن البقاء لنفسه ولمستقبل مشرق لأبنائه ، وقسمت الخيرات لجميع الكيانات المختلفة وفق منظومة عادلة ومرضية للجميع ، فتآلفت الكيانات وتبادلت الأدوار والمنافع بين أوساطهم .

وفي تلك الحقبة المشرقة عاشوا الغرباء كما كانوا في سالف الأزمان ، فلم يعيروا تلك الحقبة اهتمامهم ولم يتعاملوا كالكيانات ولم يسلكوا الطريق المشرق وفق نظام العدل والمساواة ،،، وعاشوا كأن لم يحدث أي تغيير بين المجتمعات ، وبقوا على الحال فساهموا أيضا بترسيخ مفهوم الفروقات الاجتماعية بين أوساط الحقبة المشرقة ونقلوا تلك الفروقات معهم بين حقبتين من الزمن وبذلك وثقوا تلك الفروقات بأنفسهم فقد جنوا على أنفسهم وعلى أبنائهم وأجيالهم القادمة ......

والمستقبل مشرق في ظل التغيرات المستمرة وفي زخم التقلبات الاقتصادية والسياسية وفي ظل العولمة ووفق مفاهيم حديثة متمسكة بالثوابت فالغرباء لن يكونوا كالغرباء ،،،،،
فالتغيير لابد أن يحدث وفق نظام سليم يساهم في صنع كيان متين قائم على أسس ثابته تعتمد على ركائز متمثلة في المشاركة والاندماج وتبادل الأدوار والمنافع مع بقية أوساط المجتمع ، ولايكون هذا التغيير إلا بصناعة الرجال وبعقول الرجال التي تقوم بصناعة المستقبل المشرق للأجيال القادمة .

وما أحوجنا إلى صناعة الرجال ، وما أحوجنا إلى الرجال التي تساهم في صناعة المستقبل وتطوي صفحة الغرباء للأبد .


ودمتم بألف خير

أخوكم / السيف

عبد العزيز المحارب
05-07-2010, 09:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أود أن أوصللك بعض الامور أخي السيف وهو أن الغرباء الذين تتكلم عنهم هم الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم فقط ليس غير ذلك فقال " طوبى للغرباء " فيكفيفينا كمجتمع متكاتف يقيم حدود الله أن نتصف بمثل هذه الصفات والتي اتصف بها الغرباء .. أما ما وصفته فهذا يعتبر ذم لأبناء مجتمعك والذي أنت تعد أحد لبناته .... والمجتمع الذي تتكلم عنه يعيش بكل عز ومهابه بين أوساط المجتمعات الأخرى ... كما أحب أن أذكرك بأن كل مجتمع من هذه المجتمعات يوجد فيه نقطة ضعف ليس فقط في من وصفتهم بالغرباء .. لا بد أخي أن تفتخر بنفسك وبمجتمعك . ودمت أخي بود

فهد المحارب
05-07-2010, 09:57 PM
الغُربة غربة الروح والفكر ... غُربة الغاية والوِجهة، غُربة العقيدة والسلوك ... وهذه هي الغُربة حقا. فإن صاحبها يعيش وحيدًا وإن كان بين جماهير الناس، مستوحشا وإن ازدحمت من حوله المواكب.

تقبل مروري

فيصل المحارب
05-07-2010, 10:57 PM
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الفني
06-07-2010, 01:33 AM
الله يعطيك العافيه...

ومشكووووور على الموضوع الجميــل






تقبل مرووري

الاحترام
06-07-2010, 03:10 AM
بارك الله فيك يالسيف

دمت بود

Falah
06-07-2010, 03:22 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ابو يوسف
06-07-2010, 07:26 AM
بارك االله فيك

أخي / السيف

دائماً مواضيعك في قمة الابداع

اشكرك على الطرح الرائع

احترامي .........

فواز المطلق
06-07-2010, 02:28 PM
اشكرك على الطرح الرائع والمميز


الى الامااام


لاهنت,,,,

خلف المهدي
06-07-2010, 02:45 PM
شكرا لقلمك المبدع وفكرك النير

اسمح لي بالتعليق على ما ذكرت حيث سأكتب وجهة نظري

الغرباء كما أسميتهم لعلنا أن نكون منهم ونسأل الله أن نكون منهم وهم " غرباء الدين " الذي ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : " طوبى للغرباء "

ونعلم أنك لم تقصد هؤلاء ، بل يجب أن نتيقن أن لكل زمان رجال كما أن لكل رجال زمن يفتخرون به ، والأيام دول

الغرباء لم يكن لهم نسب موحد ، وإنما جمعتهم كلمة الغرباء وهم من جهات شتى ، وقد يجمع بين بعضهم الموطن ، وبعضهم عمروا الديار وملكوا الآبار وكانت لهم عزة وكرامة من الزمان السابق إلى الزمان اللاحق .

ولابد أن نعلم أن لكل حصان كبوة ، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، فمن فاته الركب فليحق بالأمم . وإن كنت أظن أن هؤلاء الغرباء ليسوا في الأخير ، فطوبى لهم

خالد الغشم
06-07-2010, 03:29 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الأمير
06-07-2010, 03:34 PM
الغربة : إما أن تكون غربة دين او غربة مكان او غربة قوم
ولكل غربة نهاية
اما هؤلاء الغرباء الذين لا يحكمهم نظام ولا يعرفوا الكيان فاأمرهم عجيب ؟
قال الشاعر :
ومن يهن يسهل الهوان عليه **** ما لجرح لميت إلام


فالآمال العظيمة دائما تحتاج إلى تضحيات عظيمة"

اخي السيف بارك الله فيك على الطرح المميز

جمال المنيجل
06-07-2010, 06:09 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

أبوديمه
07-07-2010, 03:32 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا


الله يعطيك العافيه