اخبارية عرعر - لبنان - بيروت (ا ف ب) :
بدأ العاهل السعودي والرئيس السوري الجمعة زيارة تاريخية الى لبنان في مهمة مشتركة تهدف الى احتواء التوتر اثر الحديث عن احتمال توجيه المحكمة الدولية الاتهام الى حزب الله باغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري.
ونزل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد سلم طائرة سعودية ملكية آتية من دمشق، حطت في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عند الساعة 14,15 (11,15 ت غ).
واستقبل الرئيس اللبناني ميشال سليمان الزعيمين على ارض المطار بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية والامنية والقضائية والدبلوماسية الرفيعة المستوى.
وتوجه عبد الله والاسد بعد ذلك في موكب كبير، الى القصر الرئاسي في بعبدا (11 كلم شرق بيروت) حيث اجتمعا مع سليمان لحوالى 15 دقيقة، قبل ان ينضم اليهما بري والحريري ثم الوفدين السعودي والسوري اللذين ضما وزيرا الخارجية السعودي سعود الفيصل والسوري وليد المعلم.
وقدم سليمان قلادتين هما وساما الارز الوطني من رتبة الوشاح الاكبر الى كل من الملك السعودي والرئيس السوري فيما منح الاسد نظيره اللبناني وسام امية ذي اوشاح الاكبر، ارفع وسام سوري.
ومن المتوقع ان تستمر الزيارة حوالى اربع ساعات فقط. وسيتخللها محادثات لعبد الله والاسد مع مسؤولين لبنانيين وحفل غداء موسع دعي اليه وزراء حكومة الوحدة الوطنية التي تضم وزيرين من حزب الله الى جانب اكثر من مئتي شخصية سياسية ودبلوماسية.
وزيارة الاسد الى لبنان هي الاولى منذ اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005. وكان قد حضر القمة العربية في بيروت في 2002. اما عبد الله فهو اول ملك سعودي يزور لبنان منذ 1957. وكان قد شارك ايضا في القمة العربية في 2002 في بيروت لكن بصفته وليا للعهد.
وتاتي هذه الزيارة وسط مخاوف من اندلاع مواجهات جديدة ذات طابع سني شيعي في لبنان بعدما اكد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ان القرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة بحلول نهاية العام سيتهم افرادا في الحزب الشيعي المسلح. واكد نصر الله ان حزب الله لن يقبل بهذا الامر، متهما المحكمة بالتسييس وبكونها جزءا من مشروع اسرائيلي.
ومن المتوقع ان يلقي العاهل السعودي والاسد بثقلهما لتجنيب البلاد ازمة سياسية او مواجهات مماثلة لاحداث ايار/مايو 2008 التي وضعت البلاد على حافة حرب اهلية جديدة وقتل خلالها نحو مئة شخص.
وقد عبر الرئيس السوري والعاهل السعودي في ختام محادثاتهما في دمشق مساء الخميس عن "دعم كل ما يسهم في تثبيت استقرار ووحدة لبنان وحرصهما على دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية".
وعشية الزيارة، دعا النائب اللبناني حسن فضل الله المنتمي الى حزب الله القادة العرب القادمين الى لبنان لمواجهة "مشروع فتنة" تخطط له اسرائيل. وحذر في تصريح لوكالة فرانس برس الخميس من ان هذه "الفتنة" في لبنان لن تكون في مصلحة العرب.
وكان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حذر ايضا من ان القرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية "مشروع فتنة".
ويزور الاسد لبنان للمرة الاولى منذ اغتيال رفيق الحريري الذي ادى الى تدهور العلاقات بين دمشق وبيروت وانسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005 بعد حوالى ثلاثة عقود من الانتشار فيه.
ووجهت تقارير اصدرتها لجنة التحقيق الدولية اصابع الاتهام الى سوريا في عملية الاغتيال، لكن دمشق نفت اي تورط لها. وشهدت العلاقات تحسنا منذ 2008، عندما اقام البلدان علاقات دبلوماسية للمرة الاولى.
وقد قام رئيس الوزراء اللبناني الحالي سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، باربع زيارات لدمشق منذ توليه مهماته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
واضطلعت السعودية، الداعم القوي لرئيس الوزراء اللبناني الراحل ونجله، بدور رئيسي في التقارب بين لبنان وسوريا.
وقال سعد الحريري مساء الخميس ان زيارة عبد الله والاسد "تضفي استقرارا كبيرا في البلد بعد التشنجات الاقليمية"، معتبرا انها تهدف ايضا الى "العمل من اجل المصالحات العربية".
وانشغلت الصحف في لبنان منذ ايام بالزيارة، واجمعت على اهمية المهمة المشتركة التي تجمعهما بالنسبة الى مستقبل الوضع في لبنان.
وكتبت صحيفة النهار ان الزيارة "تكتسب بظروفها وتوقيتها طابعا تاريخيا او مصيريا من حيث التاثير على مجريات الازمة المتصاعدة في لبنان على خلفية ملف المحكمة الخاصة بلبنان".
وذكرت صحيفة الانوار "سيؤرخ للثلاثين من تموز/يوليو 2010 انه كان من الايام التاريخية التي اعادت وضع لبنان على سكة التوافق العربي الذي يعزز حصانته ومناعته".