كشتة المطر والمغامرة في براري الشرقاط
في صباح خريفي ندي، قرر الصديقان عبدالله ومحمد كسر رتابة الأيام والانطلاق في كشتة إلى براري الشرقاط، حيث الطبيعة الساحرة التي تجمع بين التلال والمروج والهواء العليل. جهزا كل ما يحتاجانه: شاي وقهوة، موقد صغير، وبعض الملابس الثقيلة تحسبًا لبرودة الطقس.
بعد ساعة من القيادة بين الدروب الترابية، وصلا إلى مكان ساحر. نصبوا الخيمة بجوار وادٍ صغير محاط بالأعشاب، وبدأوا يومهم بضحكات ودردشة مرحة.
البداية الغريبة
بينما كان عبدالله يُعد الشاي على النار، لمح محمد آثار أقدام غريبة على الأرض. نادى على عبدالله وقال:
"تعال شوف! هذه الآثار ليست لذئب أو كلب... تبدو غريبة!"
تفحص عبدالله الآثار، ثم قال بجدية:
"هذه آثار دب، لكن يبدو أنها قديمة. لنقلق فقط إذا كانت جديدة."
رغم التفسير، بقي في داخلهما شيء من القلق، خصوصًا أن المنطقة معروفة بتنوعها البيئي.
عاصفة المطر المفاجئة
بينما كانا يتأملان الأثر، بدأت السماء تتلبد بالغيوم. وسرعان ما هطل المطر بغزارة غير معهودة. ركضا نحو الخيمة، لكن المياه أغرقت المكان بسرعة.
صاح محمد وسط العاصفة:
"لا يمكننا البقاء هنا. المياه ستجرف كل شيء!"
رد عبدالله:
"هناك كهف قريب. رأيته عندما وصلنا. تعال نحتمي هناك."
الملاذ في الكهف
ركضا نحو الكهف القريب، وحين وصلا إليه دخلا بسرعة تحت وابل المطر. كان الكهف مظلمًا وباردًا، لكنهما أشعلا المصباح اليدوي، فظهرت رسوم أثرية على الجدران.
قال محمد بانبهار:
"هذه الرسوم تعود إلى الحضارة الآشورية. انظر كيف تصور مشاهد الصيد والحيوانات."
رد عبدالله مازحًا:
"رائع، لكن لنشكر الله أن صاحب الرسوم ليس هنا."
المواجهة غير المتوقعة
بينما كانا يتفحصان الرسوم، سمعا صوت هدير منخفض. تجمدت الدماء في عروقهما، وأدارا المصباح نحو مصدر الصوت. ظهر دب صغير في أحد زوايا الكهف، يبدو أنه تائه أو يبحث عن طعام.
قال عبدالله بصوت منخفض:
"لا تتحرك! الدببة عادة لا تهاجم إذا لم تشعر بالخطر."
لكن محمد، بخوف واضح، همس:
"أينما كان الصغير، الكبير قريب!"
وفجأة، ظهر الدب الأم عند مدخل الكهف. كانت ضخمة وغاضبة، تُصدر هديرًا عميقًا. بدأ عبدالله بالتراجع ببطء، مشيرًا لمحمد أن يظل هادئًا.
قال عبدالله بهدوء:
"علينا الخروج ببطء، لا نُظهر أي تهديد."
اللحظة الحاسمة
بينما كانا يتراجعان، انزلقت قدم محمد على حجر مبلل، وسقط أرضًا، مما أثار انتباه الدب الأم. بدأ الدب يتقدم نحوه بخطوات متوترة.
صاح عبدالله:
"لا تتحرك! اترك الأمر لي."
أشعل عبدالله موقد الشاي الذي كان يحمله، ورفعه عالياً ليصدر ضوءًا ونارًا. تراجعت الدب الأم قليلاً، مستشعرة الخطر، مما أتاح لمحمد النهوض ببطء.
تقدما نحو مدخل الكهف بحذر شديد، وعندما وصلا إلى الخارج، ركضا بأقصى سرعتهما تحت المطر الغزير، حتى وصلا إلى سيارتهما.
العودة والتأمل
في السيارة، وهما يلهثان من التعب والخوف، قال محمد:
"هذه كانت أكثر رحلة مغامرة في حياتي!"
ضحك عبدالله وقال:
"الطبيعة تعلمنا أن نحترمها دائمًا. لكن على الأقل وجدنا آثارًا ورأينا رسومًا تاريخية... وحصلنا على قصة لنرويها!"
غادرا المكان تحت المطر الذي بدأ يخف تدريجيًا، وعادا إلى المدينة وهما يحملان ذكريات لن تُنسى عن كشتة المطر والمغامرة في براري الشرقاط.
بقلم محمد الخضيري الجميلي