مقتطفات من سيرة حياة العميد الركن محمد الخضيري الجميلي
يعد العميد الركن محمد خضيري علي الجميلي
رجلٌ اجتمعت في شخصيته هيبة القائد، وحكمة الباحث، ورؤية المفكر، وروح الأديب، فكان مدرسةً في القيادة والإدارة، ونموذجًا للعطاء والتفاني في خدمة العراق.
محطات مشرقة في مسيرته
منذ خطواته الأولى في العسكرية، حمل الجميلي راية العلم والانضباط، فكان جنديًا بفكر قائد، وقائدًا بحكمة عالم، حتى ارتقى في سلم القيادة ليؤسس مركز إعداد القادة في وزارة الداخلية العراقية، واضعًا أسسًا راسخة لإعداد النخب الأمنية والعسكرية.
لم يكن مجرد قائد تقليدي، بل كان صانع قادة، يؤمن أن القيادة ليست رتبة بل مسؤولية، فزرع في ضباطه حب الوطن، والانضباط، وروح الفريق، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب في أصعب المواقف.
بين العلم والقيادة
جمع بين العلم العسكري الأكاديمي والتجربة الميدانية، فحصل على دكتوراه في العلوم الاستراتيجية وماجستير في العلوم العسكرية، متخرجًا من أعرق المؤسسات العسكرية (كلية الأركان العراقية - الدورة 68، والكلية العسكرية - الدورة 73). وكان بحق نموذجًا للعسكري المثقف الذي يحمل السلاح بيد، والعلم بالفكر والقلم في اليد الأخرى.
بصماته في الفكر والإبداع
لم يكن الجميلي قائدًا عسكريًا فحسب، بل كان أيضًا باحثًا وكاتبًا ومفكرًا، أغنى المكتبة العربية بأبحاثه المهمة، مثل:
إعداد الدولة للحرب
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
إدارة وتنظيم الوقت في الإدارة
ظاهرة الحقد والكراهية بين الرئيس والمرؤوس
تاريخه المجيد وأدبه العريق
لأنه ابن العراق الأصيل، لم ينسَ تاريخ أمته وقبيلته ومدينته، فوثّقها في مؤلفاته مثل:
تاريخ إمارة قبيلة اجميلة
تاريخ مدينة الشرقاط العراقية
مدينة الشرقاط بين الماضي والحاضر
أما قلبه النابض بالعروبة فقد أبدع في الشعر، حيث صاغ أحاسيس الفخر والانتماء بأجمل الأبيات، ومنها قصيدته الشهيرة "ثمانين" التي تفيض بمشاعر الولاء للوطن:
عراقُ المجدِ يا فخرَ الرجالِ
لَكَ التاريخُ يُروى في الكمالِ
سقينا الأرضَ من دمِنا فكانتْ
شهادةَ عزِّنا عبرَ الليالي
وله أيضًا قصائد تمس الوجدان والمشاعر الوطنية والإنسانية مثل:
حديث الروح (شعر عمودي).
قلوب حائرة (شعر حر).
خلجات قلب (شعر شعبي عراقي).
قائد بحكمة شيخ، وعالم بفكر مفكر، وأديب بروح شاعر
لم يكن مجرد ضابط يحمل الرتب، بل كان رمزًا للعسكرية الراقية، والأخلاق النبيلة، والثقافة العميقة. امتاز بالحزم مع الحكمة، والعدل مع الرحمة، والعلم مع التواضع، حتى أصبح قدوةً لجيلٍ من القادة العسكريين الذين تخرجوا على يديه.
وأختم بمديحٍ يليق بمقامه:
إذا كانَ للعزِّ رجالٌ تقودُهُ
فإني أراهُ اليومَ خيرَ القُوّادِ
حَماهُ الإلهُ وباركَ السعيَ دومَهُ
فصارَ حديثَ المجدِ بينَ العبادِ
بقلم الكاتب الاستاذ احسان الشمري