ماذا فقدت حتى تحزن ؟
نجد الكثير من الناس يعيشون في دائرة الحزن ويتحدثون عن المصائب بل ويصطنعونها لأنفسهم وما ذاك إلا لأنه فقد عزيزا أو لم ينال مطلوبا أو تعرض لموقف محرج أو تعرض لنكسة مالية خسر على أثرها بعض الدراهم أو غير ذلك من منغصات الحياة التي تقل أو تزيد عما ذكرته . وهنا أقول لماذا ننظر للحياة بمنظار أسود ؟ ولا نرى منها إلا السيء ونتناسى تلك النعم والهبات التي وهبنا الله إياها
( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )
فلله الحمد والمنة . وهنا سأقف بعض الوقفات مع أهل المصائب ليعلموا أنهم إن فاتهم أشياء محدودة فقد منحهم الله منح عظيمة وهنا أقول يا من فقد الإبن تذكر أن لله ما أخذ وله ما أعطى ولئن أُصبت في واحد من الأبناء فقد منحك الله غيره وما أخذه منك إلا لتصبر وتحتسب فيأجُرك الله على صبرك
(نَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)
ولمن وجدت نفسها بين أربعة جدران لا تجد أبا يشاركها أفراحها ولا أما تعالج آلامها ولا أخا يخرجها من عزلتها أقول لها تذكري أن الله قد منحك صحة في بدنك تستطيعين بها ان تتنقلي هنا وهناك حينما سلبها من غيرك فهناك من أقعدهم المرض الذي لا يرجى شفاؤه فهم أُسارى الأسرة البيضاء لا أمل لهم بالخروج والمسير إلا إلى المقبرة !! إذا فماذا فقدت ؟ ولمن فاتها قطار الزواج وصار شبح العنوسة يهددها أقول لها لعل الله فد أختار لك هذا لخير يعلمه فكم من متزوجة تمنت الموت ولا العيش مع بعض الأزواج وكم من متزوجة تمنت لو أنها لم تتزوج حينما أنجبت أبناء عقوها ونغصوا عليها حياتها وكم .. وكم .. فلما الحزن ؟ والخير فيما قدره الله .
ولمن مُنيّ بخسارة مالية أقول لعل الله صرف عنك الغنى لحكمة بعلمها حتى لا تكون طاغية في الأرض ( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى ) .
إذا فلماذا الحزن والأسى ؟ كلنا لا يريد أن يتعرض لمصيبة وهذا شيء طبيعي وشيء محمود ولكن علينا عند المصائب أن نقابلها بالرضا والتسليم حتى تتحول من مصيبة إلى نعمة نؤجر عليها .
فحينما تصاب بمصيبة في نفسك أو أهلك أو مالك فعليك ابتداء أن تقول الحمد لله وأن تسترجع
( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
ثم بعد هذا تقف مع نفسك مسليا ومذكرا لها فتقول لئن فقد نعمة واحدة فقد وهبني الله من النعم سواها ما لا يعد ولا يحصى وتتذكر تلك الهبات ولا تذهب نفسك حسرات على ما فات فإن ما عند الله خير وأبقى وما أخذ الله إلا ليعطي فبالبصر والرضا تنال المطلوب .