الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الآنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد
فقد آلمني كثيرا ما حدث في دولة تونس ودولة مصر الشقيقتين وحزنت كثيرا لتلك المشاهد المؤلمة التي لا تنم للإسلام بشيء. وهاتين الحادثتين متضادتين تماما والنتيجة واحدة.
في دولة تونس ترك الرئيس زين العابدين بن علي الدولة والجمل بما حمل ولم يقتنع الشعب ، فكان هناك السلب والنهب والقتل وقطع الطريق إلى يومنا الحاضر وعلى النقيض يحدث في مصر فقد تمسك الرئيس محمد حسني مبارك بزمام الأمور ولم يترك الدولة سائبة وانقسم الشعب بين مؤيد ومعارض وحصل السلب والنهب والقتل ومن هنا أرى أن المظاهرة ليس فيها إلا الفساد ولن تؤدي إلى نتيجة مرضية وتعتبر من الخروج على الحاكم فهي لا تجوز فقد قال الله تعالى في محكم كتابه :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59.].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي"
ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني" [رواه البخاري في "صحيحه" ].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه"
الخروج على الحكام أحد روافد الإرهاب الباطل، وهو ظاهرة قديمة تبنتها بعض الفرق الإسلامية قديما، وسار على نهجها أهل الفكر المنحرف حديثا، وهو أحد الأسس التي يقيم عليها أولئك المارقون الخوارج فكرهم الإرهابي ضد المجتمعات الإسلامية حكاما ومحكومين، قد يكون بتكفيرهم إياهم لحكمهم بغير ما أنزل الله، وقد يكون لظلمهم وجورهم - كما يزعمون - وقد يكون بدافع الأمر بالمعروف والنهي المنكر، وهم يدعون أنهم بخروجهم يغيرون المنكر الذي أمروا بتغييره، إلا أن كل هذه الدعاوي باطلة ومناقضة للأصول الشرعية
فالمظاهرة أمر فيه من المفاسد ما الله به عليم فهناك مغرضين وهناك مؤججين للفتنة أمثال بعض الدول الخارجية التي تحرض الشعب على الحكومة ، وستكون النتيجة كما حدثت في دولة مصر
وعجبت ممن يقول نحن ندعم الشباب في المظاهرة وهو في بيته أو مكتبه فهذا صاحب فتنه ، فتغيير الحاكم لن يتم بهذه الصورة فهناك المناصحة بالسر ، وإن كان الهدف تغيير حسني مبارك فقد ظهر على الشاشات وقال بأنه سيتنحى بعد نهاية فترة رئاسته بشكل سلمي ، فماذا يريدون بعد ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة: أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف؛ وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته )
والتاريخ خير شاهد، فالثورات على الحكام لم تأت إلا بالقتل وإثارة الأحقاد وفناء الأخيار وبقاء الفجار كما هم، إضافة إلى أنواع من الظلم، وإشغال الأمة عن الجهاد ومراقبة الأعداء الكفار، إضافة إلى أن الحكام يركنون إلى المنافقين وأصحاب الأهواء الذين يتربصون بالمخلصين الدوائر.
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وجهة نظري ..... بلقمي