السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهنئكم ونفسي بحلول شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار واعاننا واياكم على صيامه وقيامه انه سميع مجيب ..........
رغم ما نشاهده ونسمعه وما يحدث في العالم من كوارث طبيعية وكوارث يفتعلها الإنسان لأخيه الإنسان إلا أن الدنيا تبقى جميلة رائعة مليئة بالخيرات والمناظر الخلابة والمشاعر الجياشة تأمل روعة البحر ومخلوقات الله التي تنعم في أعماقه, والفضاء المتسع والنجوم المتلألئة التي تزين سماءه, وشروق الشمس وغروبها, والغابات الخضراء, والأجواء المتشكلة, وهبوب الرياح الباردة, والمياه التي ترسم على صفحات الأرض أجمل آيات الله تعالى, تسعد بها جميع المخلوقات... إلا المتشائم ! !
من الناس من ينظر إلى الحياة بمنظار الجمال فيرى الأمل في القادم مهما كانت الظروف معاكسة ، ويأخذ بمعالي الأمور، ويعيش يومه ببساطة وبشاشة، ويتعامل مع من حوله بكل عفوية وحب ويحاول أن يسعد الآخرين ويدخل عليهم السرور فذلك المتفائل الذي تكون سلوكياته مؤثرة في حياة من يعيش معهم.
كثير من الدراسات تشير إلى أن الشخص المتفائل يعيش حياة أطول من المتشائم ويبعث فيمن يحيطون به النشاط والحيوية.
يحكى أن كافور الإخشيدي وصاحب له عبدين مملوكين، جيء بهما إلى السوق ليباعا ، فتمنى" صاحب كافور" أن يباع لطباخ حتى يملأ بطنه بما شاء، وتمنى" كافور" أن يملك مصر ليحكمها فيأمر وينهى ! !، وقد بلغ كل منهما مناه، فبيع " صاحب كافور" لطباخ، وبيع " كافور" لأحد قواد الجيش المصري فأظهر كفاءة واقتداراً.ولما مات مولى كافور قام مقامه، واشتهر بذكائه وكمال فطنته حتى صار رأس قواد الجيش وصاحب الكلمة عند الولاة، وما زال يجد ويجتهد حتى ملك بلاد مصر والشام والحرمين الشريفين ! !.
ويحكى أيضا أن كافور مرّ يوماً بصاحبه فرآه عند الطباخ بحالة سيئة، فقال لمن معه: لقد قعدت بهذا همته فصار كما ترون، وطارت بي همتي فصرتُ كما ترون، ولو جمعتني وإياه همة واحدة لجمعني وإياه عمل واحد.
المصاعب لا تختصّ بإنسان دون آخر والجميع معرض لها ,وقد تعتري حياتنا الشخصية بعض المشكلات المتشابكة ! !
,فكيف تكون دافعا لنا إلى العمل ؟؟
لنعلم أن المصاعب التي تحدث لنا أو من حولنا ليست عشوائية , ليس هناك ما يسمى بالحظ !فيقال هذا حظه يفلق الصخر ! أو النحس ! فيقال هذا الشخص منحوس ! وإنما الأمر قضاء وقدر. وتدبير العزيز الحكيم .علينا أن نتلقاها بالقبول والرضا باعتبارها إرادة الله تبارك وتعالى ولا نتشكى منها ونتضجر , و هذا من دلائل النجاح في الحياة؛ لأن الحياة بطبيعتها متقلبة بين هذا وذاك , ليست على شاكلة واحدة , وإرادة الله نافذة و ليس كل ما نتمناه ندركه و نظفر به في الدنيا و من المستحيل أن نصل إلى السعادة المطلقة ونحن على وجه الأرض .
المهم أننا نعلم كيف نستقبل الأزمات في حياتنا و كيف نعالجها؟ كيف نستثمرها بايجابية وتجعل حياتنا أجمل , فمن يحمل الهموم و يعيش في الألم و العذاب ,و يكثر التشكي والتضجر يجعل حياته سوداء مكفهرة ويدخل في ظلمة التشاؤم ذلك العدو المتشيطن. ويتعامى عن الجانب المشرق من حياته والأنس بمن حوله , والخروج من الظلمة التي يعيش فيها بسبب النظرة السلبية للحياة .
بطبيعة الحال هذا لا يعني التفاؤل المفرط بدون عمل فمن الناس من يقول ( كن دائما كالطفل في التعلم مستعد لتجربة أي شيء, اتخذ الخطوة الأولى بالإيمان ... ) ومنهم من يقول (أن التفاؤل بذاته يحقق لصاحبه مطلوبة من غير سعي ولا بذل سبب... ) وفق قانون يعمل بتلقائية فهذا ليس من التصور الإسلامي للحياة , ويناقض الفطرة . بل ( أعقلها وتوكل ) كما قال حبيبنا.
إن الفأل الحسن باعث لصاحبه على الإقدام بتأني والحركة في الطلب ,المتفائل حين يقع في بلية يسعى للخروج منها بأقل خسائر ولا يقعده عن مواصلة الطريق , أما المتشائم فيستسلم للعجز والقعود ويكتفي بالتضجر والتبرم والتشكي .
وقد قيل ( إن الفرق بين التمني والثقة بجود الرب أن التمني يكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد , والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل , فالأول كحال المريض يتمنى أن يبرأ من مرضه , والثاني كحال المريض يبحث عن العلاج و يتعاطى الدواء , ويأمل في الشفاء ) ولذلك يقال أن التفاؤل لا يصح إلا مع العمل .
ودمتم بحفظ الله