رحلة المكشاة في برية الشرقاط
في صباح يوم خريفي جميل، قرر محمد وصديقه عبدالله القيام برحلة مكشاة إلى برية الشرقاط التي تشتهر بجمال طبيعتها وسكونها. جهزا كل ما يحتاجان إليه من أدوات الصيد والخيمة والدلال البدوية، وانطلقا بسيارتهما باتجاه البرية، حيث الهواء النقي والأفق المفتوح.
اليوم الأول
عند وصولهما إلى الموقع المناسب بالقرب من وادٍ تحفه الأشجار البرية، توقفا لاختيار مكان مناسب لنصب الخيمة. بعد بعض النقاش، استقرا على بقعة مرتفعة تضمن لهما إطلالة رائعة وحماية من رياح المساء. نصب محمد الخيمة بخبرة، بينما كان عبدالله يجمع الحطب لإشعال النار.
عندما توهجت النار، أخرج محمد دلة القهوة البدوية، وبدأ بتحضيرها على نار هادئة، مستمتعًا برائحة البن والهيل التي ملأت الأجواء. في هذه الأثناء، قام عبدالله بتحضير شاي الكرك على الطريقة التقليدية. جلسا معًا تحت ظل شجرة، يتأملان غروب الشمس الساحر، يتبادلان الأحاديث عن ذكريات الطفولة وخطط المستقبل.
مع حلول الليل، كانت البرية قد لفّها سكون تام لا يكسره سوى صوت حفيف الرياح وأصوات الحشرات الليلية. تناول الصديقان عشاءهما البسيط المكون من مشويات كانوا قد أعدوها مسبقًا، ثم استلقيا على الأرض، يتأملان النجوم التي بدت وكأنها أقرب من أي وقت مضى.
اليوم الثاني
مع بزوغ الفجر، استيقظ محمد وعبدالله على زقزقة العصافير. وبعد صلاة الفجر، جهزا أنفسهما للصيد. انطلقا إلى أحد المواقع المعروفة بوجود الطرائد، مستغلين مهاراتهما في الصيد. كان الحظ حليفهما في تلك الرحلة، حيث تمكنا من صيد عدة أرانب برية وبعض الطيور.
عند عودتهما إلى المخيم، أشعلا النار مرة أخرى، وبدأ عبدالله بإعداد وجبة من الطرائد التي صاداها، بينما تولى محمد تحضير القهوة مرة أخرى، وكأنها طقوس مقدسة لا تكتمل الرحلة من دونها.
بعد الغداء، قررا التجول سيرًا على الأقدام في المناطق المحيطة، حيث استمتعا برؤية النباتات البرية وتعرّفا على آثار لحيوانات برية. وقفا عند أحد التلال المطلة على الوادي، حيث تأمل محمد المنظر وقال:
"هذه البرية تذكرني بأيام آبائنا وأجدادنا، حيث كان البدو يعيشون حياة البساطة والتوكل."
وقبل الغروب، قررا العودة إلى المخيم لتجهيز أغراضهما استعدادًا للعودة إلى المنزل. جمعا كل أدواتهما، وحرصا على ترك المكان نظيفًا كما وجداه.
العودة
عند المغيب، كانا في طريق العودة، يشعران بتجدد الطاقة والراحة النفسية التي منحتهما إياها هذه الرحلة. قال عبدالله مبتسمًا:
"رحلة مثل هذه يجب أن نكررها كل موسم، فالبرية تعلمنا الصبر وتعيد لنا الهدوء الذي نفتقده في زحمة الحياة."
أومأ محمد برأسه موافقًا، وأضاف:
"هذه الرحلات تجعلنا نتذكر كم نحن بحاجة إلى الطبيعة لنشعر بالسعادة الحقيقية."
وهكذا انتهت رحلة محمد وعبدالله إلى برية الشرقاط، لكنها تركت ذكريات لا تُنسى ومشاعر مليئة بالامتنان للطبيعة وكرمها.
بقلم محمد الخضيري الجميلي