المقناص في ربيع برية الشرقاط
في صباح ربيعي مشرق، حيث تتناثر أوراق الشجر العطرة وتزهو الأرض ببساطها الأخضر، قرر محمد الجميلي وأخوه عبدالله الجميلي الخروج لمقناص في برية الشرقاط. كانت الأرض هناك تعرفهم جيدًا، فهما نشآ بين جنباتها وعرفا كل زاوية من زواياها، حيث البُعد عن صخب المدينة وهدوء الطبيعة الساحر.
انطلقا معًا في سيارة الدفع الرباعي، التي كان صوت محركها ينسجم مع همسات الرياح العليلة. الطريق الترابي بين تلال الشرقاط كان ينبض بالحياة؛ الأزهار الملونة التي تبعث في النفس الراحة، والطيور المغردة التي تملأ الأفق.
"هل تتذكر يا عبدالله، أول مرة جئنا هنا؟" قال محمد وهو يلتفت إلى أخيه بابتسامة.
"نعم، كان لدينا نفس الشعور، ولكن هذه المرة يختلف كل شيء، الربيع هنا يشع بالأمل." رد عبدالله وهو ينظر إلى الطبيعة الخلابة.
مع وصولهما إلى موقع المقناص، بدأ الاثنان يتجهزان. كانا يحملان بندقيتيهما ذات العيار المتوسط، يتهيأ كل منهما للانطلاق نحو الأراضي المفتوحة. بدأت خطواتهم تتسارع وهم يراقبون حركة الطيور والحيوانات البرية، بينما تنبعث من الأرض رائحة الزهور البرية التي تسر الناظر وتطمئن القلب.
في هذه البرية الواسعة، تنوعت الحياة البرية، حيث كانت الظباء تجري عبر الوديان الجافة، وبعض الطيور الكبيرة تحلق في السماء، بينما كانت السناجب تتسلق الأشجار بسرعة كبيرة.
قال محمد: "في هذه اللحظات، نجد أنفسنا أكثر قربًا من الحياة الأصيلة، الحياة التي كانت جزءًا من حياتنا اليومية."
أما عبدالله فقد كان يتمتع بكل لحظة، فقد كانت هذه الأرض تروي له القصص عن الماضي وعن الحياة التي مرت عليها، وعن العراقة التي يحملها كل حجر وكل شجرة.
"هذه هي أجمل أيامنا، في هذا المكان، مع هذا الجو الربيعي، ومعك يا محمد." قال عبدالله وهو ينظر إلى السماء الزرقاء التي تُعانقها الغيوم البيضاء.
بعد ساعات من المقناص، ومع غروب الشمس، بدأ الضوء يخف تدريجيًا ليحل مكانه اللون الذهبي الذي يعكسه الغروب على الجبال البعيدة. حمل كل منهما سلاحه ورجعوا إلى سيارتهم، منهكين ولكن بقلوب مليئة بالراحة والسكينة.
وفي طريق العودة إلى الشرقاط، تبادلا الحديث عن كل ما شاهدا، وكل لحظة عاشاها. كان الربيع في برية الشرقاط قد أضاف إلى قلبيهما لحظات من الصفاء والهدوء، لتظل تلك الرحلة محفورة في ذاكرتهما، ذكرى لا تُنسى في زحمة الحياة.
بقلم محمد الخضيري الجميلي