سيرة حياة العميد الركن الدكتور محمد خضيري علي الجميلي: نموذج للعلم والإخلاص والعطاء
العميد الركن الدكتور محمد خضيري علي الجميلي شخصية عراقية بارزة، جمع بين الخبرة العسكرية العميقة والاهتمام العلمي والثقافي الواسع. قدم الكثير للعراق من خلال أدواره القيادية في وزارة الداخلية، إسهاماته البحثية، وإبداعاته الأدبية والثقافية، مما يجعله نموذجًا يُحتذى به في مختلف المجالات.
---
النشأة والبدايات
ولد الدكتور محمد خضيري في بيئة عائلية عراقية أصيلة، حيث كان والده، المحامي الشيخ خضيري بن علي الجميلي، رمزًا للنزاهة والتقوى. وُلد الشيخ خضيري عام 1941 في قرية الجميلة التابعة لقضاء الشرقاط، ونشأ في كنف علماء ودعاة كبار مثل الدكتور أحمد الكبيسي والشيخ عبد الملك السعدي. هذا الإرث العائلي الراسخ بالنزاهة والعلم ترك أثرًا عميقًا في شخصية الدكتور محمد، الذي نشأ على القيم الإسلامية الأصيلة والاهتمام بالعلم والعمل.
---
التعليم والمسيرة الأكاديمية
بدأ الدكتور محمد خضيري حياته الأكاديمية بتفوق ملحوظ، حيث التحق بالكلية العسكرية العراقية وتخرج منها ضمن الدورة 73، ثم واصل مسيرته في كلية الأركان العراقية (الدورة 68) وحصل على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية. لم يتوقف طموحه عند ذلك، بل أكمل دراساته العليا وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الاستراتيجية، ليصبح من القلائل الذين جمعوا بين التخصصين العسكري والاستراتيجي على مستوى العراق.
تميز الدكتور محمد بفضوله العلمي وشغفه بالبحث، حيث شارك في العديد من الدورات المتخصصة مثل دورة إدارة التفاوض، دورة الحاسبة الإلكترونية، ودورة الخط العربي. كما حصل على شهادة صلاحية التدريس بامتياز من الجامعة التكنولوجية في بغداد، مما أهله ليكون أكاديميًا متميزًا إلى جانب مسيرته العسكرية.
---
المسيرة العسكرية والإدارية
تُعتبر مسيرة الدكتور محمد خضيري في وزارة الداخلية نموذجًا للقيادة الفاعلة. أسس مركز إعداد القادة في الوزارة عام 2023، حيث كان دوره محوريًا في إعداد وتأهيل نخبة من الضباط العراقيين. ومن أبرز دوراته:
دورة إعداد آمري الوحدات: لتطوير مهارات الضباط القيادية.
دورة تطوير الضباط خريجي كلية الأركان المصرية: لإعدادهم لتولي مهام استراتيجية في الوزارة.
دورة آمري التشكيلات (الدورة الأولى): لإعداد الضباط ليصبحوا آمري ألوية فاعلين.
تميز الدكتور محمد بخبرته في تحليل المعارك، إذ أشرف على تحليل معركة إنزال نورماندي مع نخبة من الضباط، وحاز هذا التحليل على إشادة واسعة من القيادات.
---
إسهاماته الثقافية والعلمية
لم تكن المسيرة الثقافية للدكتور محمد أقل بروزًا من مسيرته العسكرية. شغل منصب رئيس مجلس الإدارة في المركز الثقافي العربي، وكان عضوًا في العديد من الجمعيات الأدبية مثل جمعية الخطاطين ورابطة شعراء العرب. كما كتب بحوثًا أكاديمية بارزة، منها:
إعداد الدولة للحرب: بحث تناول الاستراتيجيات الوطنية للتأهب للحروب.
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم: دراسة تربط بين العلم والدين.
إدارة وتنظيم الوقت في الإدارة: بحث يعالج قضايا الإدارة الحديثة.
إلى جانب ذلك، قدّم سلسلة من المحاضرات، مثل الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والهدايا والرشا، حيث عالج مواضيع اجتماعية ودينية بقالب علمي ومنهجي.
---
المؤلفات الأدبية
برزت موهبة الدكتور محمد في الكتابة الأدبية، حيث ألف عدة كتب تاريخية وأدبية، منها:
1. تاريخ إمارة قبيلة اجميلة: توثيق تاريخ القبيلة.
2. تاريخ مدينة الشرقاط العراقية: دراسة شاملة عن مدينته.
3. مدينة الشرقاط بين الماضي والحاضر: استعراض تطور المدينة.
كما كتب قصصًا قصيرة مثل اللقاء في الزوراء وعندما تسقط المروءة، وشعرًا عموديًا وحرًا، من أبرز قصائده:
حديث الروح: تعبير عن العلاقة الروحية بالله.
الوفاء للعراق: قصيدة تعكس حبه وولاءه لوطنه.
---
إسهاماته في الخط العربي
كان للدكتور محمد اهتمام خاص بالخط العربي، حيث أتقن خطي الرقعة والنسخ، وبدأ مؤخرًا بتعلم خط الثلث. هذا الفن يعكس عمق ارتباطه بالثقافة العربية والإسلامية وسعيه الدائم لتطوير نفسه في مجالات متعددة.
---
التكريم والإنجازات
حصل الدكتور محمد خضيري على العديد من الجوائز والتكريمات، تقديرًا لإسهاماته في مختلف المجالات. يُعد من أوائل القادة الذين أدخلوا التكنولوجيا الحديثة في الشؤون الإدارية والمالية بوزارة الداخلية. كما كان عضوًا مؤسسًا في مجلس حكماء قبيلة الجميلة، حيث عمل على تعزيز القيم الأصيلة داخل المجتمع.
---
الحياة الشخصية
على المستوى الشخصي، الدكتور محمد رجل عائلة محب لأسرته، وله ابن يُدعى عبد الملك. عُرف بتواضعه وحبه للمجتمع، حيث ساهم في دعم التعليم والثقافة داخل مدينته الشرقاط وخارجها.
---
الخاتمة
العميد الركن الدكتور محمد خضيري علي الجميلي مثال يُحتذى به في الإخلاص للوطن، والجمع بين العلم والعمل. إن سيرته الزاخرة تُلهم الأجيال القادمة بأن النجاح الحقيقي يكمن في الجمع بين القيم الأصيلة، والتطوير المستمر، والعطاء غير المحدود.