الهروب الكبير:
قصة الجندي الذي تحدى المستحيل
في صباح أحد الأيام الباردة على الجبهة الأمامية، انطلق الجندي "سالم" مع وحدته العسكرية في مهمة بالغة الخطورة. كان سالم شابًا قويًا ومخلصًا لوطنه، لكنه لم يكن يتخيل أن هذا اليوم سيغير حياته إلى الأبد.
مع بدء المعركة، هاجمتهم قوات معادية بأعداد كبيرة. اشتدت الاشتباكات، ومع نفاد الذخيرة، وجد سالم نفسه محاصرًا. حاول المقاومة بكل قوته، لكنه أُسر مع عدد قليل من زملائه بعد قتال شرس.
الأسر
نُقل سالم إلى معسكر مؤقت في منطقة جبلية نائية. كان المعسكر مليئًا بالحراس المسلحين، والأسلاك الشائكة تحيط بالمكان من كل جانب. أمضى ساعات تحت التحقيق والتعذيب، لكن سالم لم يُفشِ أي معلومات عن وحدته أو خططها. كان يدرك أن الصمود هو طريقه الوحيد.
بينما كان سالم في زنزانته الصغيرة، لاحظ ثغرة في نظام الحراسة، إذ كان الحراس يقللون من انتباههم أثناء الليل. بدأ في التفكير في خطة للهروب، يعلم أن الفشل يعني الموت، لكنه كان مستعدًا للمخاطرة.
الهروب
في تلك الليلة، عندما هدأ المعسكر وعم الظلام، استغل سالم لحظة غياب أحد الحراس وتمكن من كسر قيده باستخدام قطعة معدنية وجدها في الزنزانة. تسلل بصمت، زحف تحت الأسلاك الشائكة، وركض بأقصى سرعته نحو الغابة القريبة.
بدأت الكلاب في النباح، وسمع صوت الإنذارات يدوي في المعسكر. كان سالم يجري بين الأشجار الكثيفة، بينما الرصاص يمر بجانبه. بعد ساعات من الجري المتواصل، تمكن من الإفلات من مطارديه ودخل إلى عمق الجبال، حيث لا يمكن لأحد العثور عليه بسهولة.
البقاء على قيد الحياة
في الأيام التالية، واجه سالم معركة من نوع آخر: معركة البقاء. كان الجو باردًا، ولم يكن لديه طعام أو ماء. بدأ يتناول الحشائش البرية وبعض الثمار التي وجدها في الغابة. كان يشرب من مياه الأمطار التي تتجمع في الصخور، وينام بين الأحجار لحماية نفسه من الحيوانات البرية.
رغم قسوة الظروف، لم يفقد سالم الأمل. كان يذكر نفسه دائمًا بسبب نضاله: الوطن وأسرته التي تنتظره. بدأ يستخدم خبراته العسكرية لتحديد الاتجاهات، وحاول الوصول إلى منطقة آمنة حيث يمكنه الاتصال بوحدته.
النجاة
بعد ستة أيام من الهروب، وبعد أن أرهقته الجوع والبرد، لاحظ سالم أضواء بعيدة في الليل. اقترب بحذر، ليكتشف أنها نقطة تفتيش تابعة لقوات بلاده. شعر قلبه ينبض بقوة، ورفع يديه ليعلن أنه أحد الجنود الناجين.
تم نقله إلى قاعدة عسكرية حيث تلقى العلاج والرعاية. قصته أصبحت مصدر إلهام للجنود الآخرين، حيث أظهر شجاعة وإصرارًا في وجه الظروف القاسية.
النهاية
عندما سألته زوجته، بعد أن عاد إلى منزله بأمان: "كيف تحملت كل هذا؟"، أجاب سالم بابتسامة:
"لم أكن وحدي، كان إيماني بالله وحبي لوطني وعائلتي معي دائمًا. الجبال لم تكن عدوي، بل كانت طريق نجاتي".
وهكذا، أصبحت قصة سالم مثالًا حيًا على الشجاعة والصمود، وذكّرت الجميع أن الأمل والإرادة يمكنهما التغلب على أصعب المحن.
الكاتب محمد الخضيري الجميلي