فلاح الحنطة

فلاح الحنطة

في إحدى قرى الشرقاط الخصبة، عاش الفلاح أبو علي، رجل بسيط مفعم بالأمل وحب الأرض. كانت أرضه الصغيرة تمتد على ضفاف دجلة، تُحيط بها أشجار نخيل باسقة، وتحمل في طياتها إرثًا عائليًا طويلًا.

مع بداية فصل الشتاء، قرر أبو علي زراعة أرضه بمحصول الحنطة، الذي اعتمدت عليه القرية كمصدر غذاء ورزق. استعد جيدًا لهذا الموسم، وقاد مكينة الحراثة الخاصة به، وهي أداة حديثة ساعدته في تهيئة أرضه بشكل أسرع وأكثر كفاءة. بدت الأرض وكأنها تستجيب بحب لجهوده، حيث انطلقت المكينة تخط خطوطها المستقيمة في التربة، بينما كان أبو علي ينظر إليها بعين مليئة بالأمل.

بعد حرث الأرض وزراعة بذور الحنطة بعناية، تحول شغف أبو علي إلى مراقبة الأمطار. كان يقضي أمسياته يتصفح شبكات التواصل الاجتماعي، يتابع الراصدين للأنواء الجوية بشغف. كان يحلل توقعات المطر، يقارن بين المصادر، ويضع خططًا لكل احتمال.

في أحد الأيام، قرأ تحذيرًا من راصد جوي عن عاصفة مطرية شديدة قد تؤثر على الحقول. لم يتردد أبو علي في اتخاذ الاحتياطات. قاد مكينة الحراثة مرة أخرى، لكن هذه المرة استخدمها لحفر خنادق حول الحقل لتصريف المياه الزائدة، ما ساهم في حماية المحصول من الغمر.

مع اقتراب فصل الربيع، أصبحت أرضه لوحة ذهبية، تكتسي بلون الحنطة الناضجة. وقف أبو علي في حقله، ينظر بفخر إلى محصوله. تذكر كل الليالي التي قضاها يراقب التوقعات الجوية، وكل الجهود التي بذلها باستخدام مكينة الحراثة والعمل اليدوي لحماية ما زرعه.

في المساء، جلس مع عائلته حول نار صغيرة، يخبزون أول رغيف من دقيق الحنطة. تناول أبو علي قطعة من الخبز وقال بابتسامة رضا:
"ليس المطر وحده الذي يجلب الخير، بل التخطيط والعمل الجاد هما سر النجاح."

منذ ذلك الحين، أصبح أبو علي قدوةً في قريته، يُعرف بأنه فلاح يجمع بين حب الأرض والتكنولوجيا الحديثة، وبين الصبر والابتكار، ليكون مثالًا يحتذى به لكل من يسعى لزراعة المستقبل.