الثلاثاء 23/08/2011
فيصل المفضلي - عبدالله الدهاس - مكة المكرمة / تصوير - حسن المالكي
تتعدد عربات الدفع في الحرم المكي الشريف تلك التي تحمل راكبًا واحدًا للطواف به حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة.. فهناك ما يسمّى بعربات منحة الملك عبدالعزيز حيث كانت قبل سنوات آلة مهيئة على شكل حمالة يحمل فيها المعتمر ويرفع على رأس شخصين على الأقل بأجرة معقولة.
وعادة ما كان يستطيع حملها سوى الأفارقة لبنيتهم الجسمانية الضخمة، وتطورت هذه الحمالة حتى اصبحت على شكل عربة ولها عجلتان ومقعدة ضخمة مريحة ذات حجم واسع، واصبحت تنقل المعتمرين بين الصفا والمروة بواسطة مستأجرها من شؤون الحرمين او من قد منحت له هذه العربة في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وتعاقبها من بعده ورثته حتى اللحظة وكانت تؤدي دورًا كبيرًا في نقل المعتمرين وبخاصة كبار السن والمرضى ومن يعاني من سمنة مفرطة تمنعه الحركة بأجرة ثابتة حددتها شؤون الحرمين لا تتجاوز الـ100 ريال فقط.
ويأتي من بعدها ما يسمى بعربات ذوي الاحتياجات الخاصة وهي مخصصة لنقل المعاقين او ما شابههم وتؤدي دورًا خدميا للمعتمرين كسابقتها مميزا وتعود ملكيتها للحرم المكي ولها عدة مقرات داخل الحرم وخارجه وتسير بطريقة مدروسة ومنظمة ويتمكن من قيادتها المعتمر بنفسه اذا استطاع او من قبل موظفين متعاونين في الموسمين الحج ورمضان ولها مسارات مهيئة ومستقلة فالطواف يتم من خلال مسارات هيئة في الدور الثاني والسعي بين الصفا والمروة في كل ادواره المختلفة بدءا من البدروم والارضي وانتهاء بالسطح وسعر اجرتها لا يتجاوز الـ 100 ريال للسعي و50 ريالًا للطواف.
وهناك نوع ثالث من العربات قدمت لخدمة المعتمرين هذا العام وهي العربات التابعة لمشروع البلد الحرام وتدفع المعتمرين مجانا بواسطة برنامج شباب مكة في خدمتك وتعود ملكية العربات لشؤون المسجد الحرام وكان مقرها هذا العام باعتبارها تجربة جديدة في الدور الاول من المسعى وكانت الرئاسة العامة لاحظت الدور الايجابي الذي تقوم به في خدمة المعتمرين كبار السن والعجزة فقررت اسناد دفع العربات بالحرم لمشروع تعظيم البلد الحرام ممثلا في شباب مكة في خدمتك بدءا من العام القادم.
وقد قدمت هذه الاصناف من العربات الثلاث خدمة جليلة ورائعة امام المعتمرين.
وقد لمست «المدينة» في جولاتها المختلفة رضى المعتمرين عن خدماتها وتنظيمها المدروس وسعر اجرتها الموحد وعربات مشروع تعظيم البلد الحرام الذي يقدم خدمة دفع المعتمرين مجانا.. الا أن هناك عربات عشوائية وأسعارها استغلالية وخيالية. يصل سعر الراكب 300 ريال إلى 400 ريال في أيام رمضان الاول ويتجاوزها إلى 100 في اواخره.
وفي المقابل تتجد ثمة معاناة امام المعتمرين من كل عام وبدت هذا العام اشد فوضوية وعشوائية وظهرت على السطح بقوة واكثر انتشارًا من الاعوام السابقة.
معاناة المعتمرين هنا جاءت تبعات لفوضى استفحلت من قبل نوعين من دافعي او سائقي العربات إن صحت التسمية الاولى وهي تلك التي يقف خلفها اشخاص لا يملكون تصاريح رسمية نهائيا تخولهم دفع المعتمرين داخل الحرم سواء للطواف او السعي فمعظم من يعمل في هذ العربات غير المصرحة مجهولو الاقامة من الجنسية اليمنية والافغانية وتحديدا صغار السن ثم البلوشية ويتواجد إلى جنب هؤلاء عدد قليل من السعوديين لا تتجاوز اعمارهم الـ 30 سنة وان زاد فقليل جدا وكان عادة ما يتواجد هؤلاء في الاماكن المزدحمة بالمعتمرين بحثا عن الركاب حيث يتواجدون في اطراف ساحة الحرم المكي وامام ابوابه ويمارسون تجارتهم الاستغلالية بكل جرأة دون خوف من الجهات الرقابية وهناك نوع آخر من العربات مصرحة مفتوحة التسعيرة او ما تسمى بعربات المرتزقة اصدرت تصاريحها من قبل الرئاسة العامة ويقف خلف دفعها سعوديون فقط، وقد الزموا بلبس معين وقد حددت الرئاسة العامة لتواجدهم مقرًا معينًا في الحرم امام باب اجياد مقابل الساحات الجنوبية الشرقية للحرم المكي الشريف الا ان الرئاسة لم تضع حدًا للتسعيرة من خلال هذه العربات ولم يفرق بينهم وبين دافعي العربات المجهولة سوى فرق التصريح فقط ويشكل هؤلاء معاناة اخرى إلى جانب العربات المجهولة امام المعتمرين من ناحية مغالاتهم في تسعيرتهم والتي قد وصلت 300 ريال إلى 400 في ايام رمضان الاول وتجاوزتها إلى 1000 في اواخره وكانت تسعيرتها بحسب مزاج كل فرد من دافعي العربات المرخصة غير مدد السعر دافعيها.
«المدينة» قامت بجولة استكشافية في ساحات الحرم المكي الشريف وأماكن تواجد اصحاب عربات مصدر معاناة المعتمرين لمعرفة اسباب انزعاج المعتمرين وشكاواهم المتكررة منها (عربات يدفعها مجهولون ومرخصة غير محددة السعر).
وجاءت معاناة المعتمرين نتيجة ملاحظات على دافعي العربات المجهولة والمصرحة مفتوحة السعر حيث انطلقت بدايات معاناتهم من ارتفاع سعرها الباهظ. ويقول عن هذا محمد شافي معتمر إن المعتمرين يعانون من عربات الدفع المجهولة التي يقف خلفها وافدة تأتي هذه المعاناة من استغلال هؤلاء للمعتمرين ورفع أسعار اجرتها حيث اردت استئجار عربة لوالدتي الطاعنة في السن فكانت أسعار تلك العربات المنتشرة في ساحات الحرم واروقته وامام ابوابه من شخص إلى آخر تتراوح ما بين 1000 إلى 1500 للطواف والسعي في مثل هذه الايام الاخيرة من شهر رمضان وقال: هذه أسعار استغلالية للضيوف بيت الله الحرام مستغربا من ترك هؤلاء بهذه الطريقة دون تنظيم.
معاناة معتمر في الحرم
ويروي صديق عبدالله تجربة مع اصحاب العربات المجهولة تكشف معاناته وهو انه تحمل سعر هؤلاء نظرا لظروف والده الصحية فاستأجر عربة بـ400 ريال طواف وسعي ويؤكد ان هذا كان في بدايات شهر رمضان المبارك وتحديدا في الاسبوع الثاني منه وكنت قد اتفقت مع صاحب العربية وهو من الجنسية اليمنية ان يقوم بتطويف والدي والسعي به بين الصفا والمروة واشترط علي دفع سعر الاجرة مقدما ووافقت لعدم تصوري بما سيحدث وبعد قرابة 10 دقائق اتصل علي والدي مؤكدا ان صاحب العربية امره بالنزول بحجة إصلاحها واختفى بين الزحام وولى ولم يعد. يقول: واضطررت إلى استئجار عربية اخرى حتى اكمل والدي عمرته وبلغ اجمال ما استأجرت به الـ 900 ريال وانهى بقوله كيف يترك المجال امام هؤلاء مفتوحًا على مصراعيه دون ايقافهم.
منع دخول العربات
من جهته قال ابو انس موظف بادارة الابواب بالحرم المكي الشريف إن المعاناة من هؤلاء دافعي العربات غير المصرحة تطالنا حيث نعاني منهم اشد المعاناة فنحن كموظفين في ادارة الابواب مأمورون بمنع دخول عربات هؤلاء تحديدا غير المصرحة وبخاصة العربات الفارغة التي لا تحمل معتمرًا او معتمرة فيتخذ هؤلاء طرقًا ملتوية ليتمكنوا من الدخول إلى الحرم من خلال اتفاقهم مع معتمرين على انهم من اقاربهم على ان يعطوهم مقابل ذلك 5ريالات او 10 ليتجاوزوا الدخول إلى الحرم ويقحمون في ذلك المحتاجين من المعتمرين معترفا ان طرقهم الملتوية هذه عادة ما تنجح ويزيد في اعترافاته إن تواجدهم هذا العام كان اكبر وعشوائيتهم اشد.
ويذكر عبدالهادي معتمر من مصر انه تمكن من صرف عربة مجانية من احدى مقار عربات الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين لحمل زوجته عليها التي تعاني من آلام في عمودها الفقري وتم صرفها له بعد ابقاء جواز السفر لدى مكتب عربات الحرم فاضطررت إن استاجر احد ليدفعها لاني لا استطيع على ذلك واتفقت معه بمبلغ 100ريال فما كان منه الا إن استغل فرصة صلاتنا ركعتين تحية للمسجد وعند قضائنا من الصلاة لم نجده فاكملت عمرتي انا وزوجتي مشيًا وعدت بعد انتهاء عمرتي إلى المكتب الذي قد تسلمت منه العربة لا تمكن من اخذ جواز سفري فطالبوني بتسليمها فاخبرتهم انها قد سرقت مني فغرموني على ذلك بمقدار سعرها.
من جانبه يقول توفيق راضي من اهالي مكة إن العربات غير المصرحة العشوائية بطريقتها هذه تعكس صورة سيئة امام المعتمرين ويتجمع هؤلاء على المعتمرين ويساومونهم في السعر باسلوب لا يتصف بالادب اضافة إلى انهم يلتفون على شكل مجموعات وشلل تستقبل الزوار بمنظر غير لائق بالمكان حيث ان بعضهم من المخنين وغير المنضبطين ويتجاوز ذلك إلى اكلهم وشربهم في نهار رمضان. ويؤكد ان هذه العشوائية والسبب لانتشار مثل هذه الممارسات بين دافعي العربات غير المرخصة هو عدم وجود تنظيم مدروس لدافعي العربات بأجرة. وقال: لا يختلف عن هؤلاء دافعو العربات المرخصة التي اصدرتها الرئاسة العامة هذا العام بدءا من شهر 6 ربيع الاول حيث هي الاخرى يستغل دافعوها رفع اجرتها كل بحسب هواه دون ان تحدد الرئاسة مبلغًَا معينًا لتأجيرها.
الزهراني: مصادرة 1000 عربة يدفعها متخلفون
قال قائد أمن الحرم المكي الشريف العقيد يحيى بن مساعد الزهراني لـ (المدينة) إن رجال الأمن صادروا ألف عربة مخالفة منذ بداية شهر رمضان المبارك مشيرا إلى أنه تم القبض على بعض العمالة المتخلفة ممن يمتهنون دفع العربات حيث تم تسليمهم لإدارة الوافدين بجوازات العاصمة المقدسة لتطبيق الأنظمة القانونية بحقهم علاوة على القبض على بعض السعوديين والذين يقومون بدفع العربات دون الحصول على تراخيص رسمية من قبل رئاسة شؤون الحرمين وتمت إحالتهم إلى الشرطة.
وأضاف أن قضية دفع العربات وبخاصة في المسعى تحتاج إلى إعادة دراسة وتنظيم من قبل الجهات المختصة للقضاء على العديد من الظواهر السلبية التي قد يحدثها العاملون خلال شهر رمضان المبارك ومن ضمنها مضايقة المعتمرين وعرقلة حركة سير المعتمرين وبخاصة في السعي.
وأبان أن قوة أمن الحرم هي جزء من عمل لجنة متابعة دافعي العربات والتي تعمل على مدار الساعة لتعقب المخالفين مشيرا إلى أن هناك توجيهات مشددة من قبل إمارة منطقة مكة المكرمة للقبض على هؤلاء المخالفين وإحالتهم إلى شرطة العاصمة المقدسة لتطبيق الجزاءات المناسبة بحقهم.
دراسة لتسليم دفع العربات لمشروع تعظيم البلد الحرام
تدرس لجنة من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام ومشروع تعظيم البلد الحرام وأمانة العاصمة المقدسة تسليم دفع العربات لمشروع تعظيم البلد الحرام عبر برنامج شباب مكة في خدمتك.
وعلمت «المدينة» أن اللجنة بصدد إقرار تسليم المشروع رسميا للبرنامج والذي يقوم عليه شباب متطوعون يقومون بدفع العربات خوباصة الموجودة في المسعى والمخصصة للعجزة وكبار السن مجانا وذلك بهدف القضاء على المغالاة في أسعار الدفع والتي يستغلها الكثير من الوافدين وبعض الشباب السعودي خاصة خلال موسمي رمضان والحج إضافة إلى القضاء على ظاهرة العشوائية في دفع العربات والازدحام الذي قد يشكله دافعو العربات ومضايقة المعتمرين.
رئاسة الحرم: لجنة لتعقب دافعي العربات المخالفين
قال مصدر مسؤول في إدارة العربات بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام إن الإدارة تشرف على تنظيم العمل المتعلق باستخدام العربات التي تستخدم لدفع العجزة وكبار السن داخل المسجد الحرام ومراقبة سير الأعمال مشيرا إلى أنه تم منح (500) رخصة لهذه العربات لبعض الشباب السعودي لمساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وأضاف انه تم تكليف فريق من موظفي الرئاسة يصل عددهم إلى قرابة خمسين موظفا رسميا إضافة إلى (75) مراقبًا موسميًا يعملون على مدار الساعة لمراقبة التسعيرة بالصفا لعربات الأجرة وتنظيم الحركة داخل المسار المخصص للعربات عن طريق توزيع المراقبين بالمسعى توزيع المراقبين في المسعى بالدور الأرضي لتنظيم الحركة داخل المسار المخصص مشيرا إلى وجود لجنة مكونة من إدارة الساحات وإدارة العربات وقوة أمن الحرم تقوم بمنع العربات الخاصة بالتواجد داخل ممرات وساحات المسجد الحرام.
وأبان أن الرئاسة قامت بتوفير (12) ألف عربة يتم توزيعها مجانا على المعتمرين الراغبين في الاستفادة منها (100) عربة كهربائية تدفع ذاتيًا من قبل المعتمر نفسه مشيرا إلى وجود (512) عربة مرخصة وتعمل باجرة محددة قدرها (50) ريالًا لافتا إلى أن هذه العربات موجودة في الساحات الشرقية من المسجد الحرام وكذلك في الصفا بالدور الأرضي للمسجد الحرام.
ولفت إلى أن هناك مراقبة ومتابعة دائمة للعربات المخالفة سواء من حيث رفع السعر أو التي تعمل بدون تصريح نظامي.