الاستشراق
حقل معرفي وإبداعي ضخم نشأ في الغرب (أوروبا وأمريكا الشمالية) لدراسة الثقافات الشرقية (الآسيوية غالبًا) وتمثلها في الفنون المختلفة.
وتعتبر الجوانب العلمية والسياسية والدينية للاستشراق هي الأبرز بين جوانبه المختلفة، فقد كانت الهاجس الرئيسي وراء نشوئه.
غير أن الجوانب الأخرى، في الفنون والآداب الغربية، ذات أهمية لمن يريد التعرف على ذلك الحقل في مختلف جوانبه.
وقد اتضحت ضخامة الاستشراق وتعدد نواحي النشاط فيه في دراسة للناقد والمفكر العربي الأمريكي إدوارد سعيد. بعنوان الاستشراق (1978م) صدرت باللغة الإنجليزية ثم ترجمت إلى العربية
تاريخ الاستشراق وتطوره.
بدأ الاستشراق في الأندلس (أسبانيا) في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، حين اشتدت حملة الصليبيين الأسبان على المسلمين.
عقد المستشرقون أول مؤتمر لهم
في باريس عام 1290هـ، 1873م ثم توالت بعد ذلك المؤتمرات الاستشراقية التي تُلقى فيها البحوث والدراسات عن الشرق وأديانه وحضاراته، وما تزال مثل هذه المؤتمرات تُعقد حتى اليوم.
دوافع الاستشراق
الدافع الديني.
بدأ الاستشراق بالرهبان كما مضى، واستمر كذلك حتى العصر الحاضر.
فكثير من المستشرقين تخصصوا في الدراسات اللاهوتية المتعلقة بالتوراة والإنجيل وأُعِدُّوا إعدادًا خاصًا للقيام بمهمة دراسة الإسلام والمسلمين لأهداف تنصيرية.
يقول المستشرق البريطاني برنارد لويس: "إن آثار التعصب الديني الغربي لا تزال ظاهرة في مؤلفات عدد من العلماء المعاصرين وبعضها لا يزال مستترًا وراء الحواشي المرصوصة في الأبحاث العلمية".
الدافع التجاري.
الدافع العلمي.
الدافع الأدبي/ الفني.
أبرز وسائل المستشرقين لنشر أفكارهم:
1- تأليف الكتب المتخصصة في موضوعات مختلفة عن الإسلام وتراثه الحضاري.
2- إصدار المجلات الخاصة ببحوثهم عن المجتمعات الإسلامية، مثل مجلة العالم الإسلامي.
3- إلقاء المحاضرات في الجامعات والجمعيات العلمية.
4- الكتابة في الصحف المحلية ببلادهم والبلاد التي لهم فيها نفوذ.
5- عقد المؤتمرات لمناقشة القضايا الإسلامية للوصول إلى آراء تحقق لهم أهدافهم.
6- إنشاء موسوعة دائرة المعارف الإسلامية بعدة لغات.
7- إنشاء الجمعيات، مثل جمعيتي: المستشرقين الفرنسيين، الذين أصدروا المجلة الآسيوية، والمستشرقين الإنجليز الذين أصدروا مجلة الجمعية الآسيوية الملكية وجمعية المستشرقين الأمريكيين، الذين أصدروا مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية، وكذلك فعل المستشرقون في كل بلد من بلدان أوروبا.
أهم مؤلفات المستشرقين:
1- دائرة المعارف الإسلامية، صدرت في الفترة من 1332-1357هـ، 1913-1938م. وظهرت لها طبعة جديدة في الفترة من 1365 - 1397هـ، 1945 - 1977م.
2- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف، في ثمانية مجلدات، وشمل الكتب الستة المشهورة، بالإضافة إلى مسند الدارمي ومسند الإمام أحمد بن حنبل وموطأ الإمام مالك، رتَّبه ونظَّمه لفيف من المستشرقين ونشره الدكتور أ. ي. فينْسنك.
3- مفتاح كنوز السنة، تأليف الدكتور أ. ي. فينسنك. وضعه للكشف عن الأحاديث النبوية الشريفة المدونة في كتب أربعة عشر إمامًا.
4 - تاريخ الأدب العربي، ومؤلفه كارل بروكلمان.
أبرز إيجابيات الاستشراق:
1[color="rgb(65, 105, 225)"]- الإسهام في تحقيق ونشر الكثير من كتب التراث الإسلامي.
2- تَمَيُّز بعضهم بالمنهجية العلمية التي تعينهم على البحث.
3- تعرف بعض الغربيين حقيقة الإسلام من كتابات المنصفين من المستشرقين.
[/color]
أبرز سلبيات الاستشراق
الانقياد للتحيز الثقافي.
يقع معظم المستشرقين تحت هيمنة تكوينهم الثقافي الغربي الأساسي سواء كان نصرانيًا أم يهوديًا أم علمانيًا لا دينيًا، ويميلون نتيجة لذلك إلى التشكيك في صحة العقيدة الإسلامية، كما فعل مونتجمري واط في كتابه محمد في المدينة حين سعى إلى التشكيك في أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، أو القول بعجز العرب بوصفهم من جنس بشري متدن عن صنع الحضارة، كما فعل إرنست رينان في تأريخه العنصري المؤيد للجنس الآري على الجنس السامي، وهكذا.
وقد دحض العلماء المحققون من أبناء الأمة الإسلامية هذه المزاعم في أبحاث ورسائل علمية لا يتسع المجال لذكرها. لكننا نذكر منها رأي بعض المستشرقين المنصفين ومنهم موريس بوكاي عن القرآن الكريم حيث يقول: "صحة القرآن الكريم لا تقبل الجدل، فهي تعطي النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد". وقد ألف موريس بوكاي كتابه: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ـ دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ليثبت أن القرآن وحي من الله، وأن التوراة والإنجيل مليئان بتحريف البشر وتأليفهم.