بشرى لمن صبر من أهل الصلاح على ما أصابه من أذى واستهزاء
أزف بشرى لمن صبر من أهل الصلاح على ما أصابه من أذى واستهزاء؛ فإن العاقبة للمتقين
( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) .
وهـذه البشــرى هـــي ما جــاء فــي آخــر سـورة " المـطفـفـين" وآخــر ســـورة " المؤمنون " حيث يقول الله سبحانه وتعالى:
( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ـ وإذا مروا بهم يتغامزون ـ وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ـ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ـ وما أرسلوا عليهم حافظين ـ فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ـ على الأرائك ينظرون ـ هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) [ المطففين: 29-36] .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير هذه الآيات:
يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين أي: يستهزؤون بهم، ويحتقرونهم، وإذ مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم أي: محتقرين لهم (وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين) أي: وإذا انقلب أي: رجع اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم ( قالوا إن هؤلاء لضالون) أي: لكونهم على غير دينهم قال الله تعالى: (وما أرسلوا عليهم حافظين) أي: وما بُعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم، وأقوالهم، ولا كلفوا بهم؟ فَلِم َاشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم، كما قال تعالى: ( اخسؤوا فيها ولا تكلمون ـ إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ـ فاتخذتموهم سِخْريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ـ إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون )
ولهذا قال ههنا: (فاليوم) يعني يوم القيامة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون) أي: في مقابلة ما ضحك بهم أولئك ( على الأرائك ينظرون) أي: إلى الله عز وجل في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون؛ ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين ينظرون إلى ربهم في دار كرامته، وقوله تعالى: (هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون؟) أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والنقيص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله.اهـ .
وعندما يراجع الكفارُ ربنا سبحانه وتعالى في الخروج من النار، يقول الله سبحانه وتعالى موبخا لهم، ومبينا سبب حبسهم في النار:
( قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون ـ إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ـ فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ـ إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائــزون) [ المؤمنون: 108ـ111] .
لاتنسونا من صالح دعائكم