عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /22-08-2012   #3

 
شخصية مهمة

الصورة الرمزية محمد الخضيري

 

محمد الخضيري غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 4803
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 المشاركات : 782
 النقاط : محمد الخضيري will become famous soon enoughمحمد الخضيري will become famous soon enough
 تقييم المستوى : 260

مزاجي
رايق
Best الدرر الصحاح في تحقيق النجاح /أ. محمد خضيري الجميلي ج 3

.الامل
ابحث عن فسحة الامل دائما واطرد التشاؤم ، واحرص على أن تكون نفسك جميلة ، وأن ترى من زاوية كلها بشرى وظنون خيِّرة ، فلن تجد غير هذا السبيل ليقودك الى المعالي .قيل
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
؛ وقد قيل في التشاؤم وكثرة الشكوى :
أيهذا الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شر النفوس في الأرض نفس تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الكون شيئاً جميلا
أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلا ترى الوجود جميلا

ويجب على المرءان يتحلى بحسن الظن ، ويتجمل بالتفاؤل ، غير أنه لا يركب مطية الأمل دون أن يَجِدَّ في سعيه ، أو أن يثابرَ في نيل مبتغاه ، فلا تدرك الأمور إلا بالإصرار وكثرة المحاولة والتصبر والجد والتخطيط الجيد ، والسهر على بلوغ الغايات ، فإذا نسيت كل هذا فتذكر قول الشاعر :
بقدر الجد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن طلب العلا من غير كدٍ أضاع العمر في طلب المحال

وإذا تساوى كلامك وصمتك فقدم الصمت ، فبكثرة الصمت تكون الهيبة ، وحاذر أن يأخذك الجزع في مصابك أياً كان ؛ فكل ذلك من قضاءٍ كتبه الله عليك ، وبه الخير الكثير ، ولربما رأيت مكروهاً وأعقبه خيرٌ كثير .
تَجري الأَمور عَلى حُكم القَضاء وَفي
طيّ الحَوادِث مَحبوبٌ وَمَكروهُ
فَرُبّما سَرَّني ما بِتّ أَحذَرهُ
وَرُبَّما ساءَني ما بتُّ أَرجوهُ

كن جواداً تغنم بمحبة الناس ، وإياك والبخل فإنه منقصة للرجل ،
فالجُود محبَّة والبُخْل مَبْغضة ، واعمل بكل جوارحك ، وتحرى الدقة والإتقان ، إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ، فلا يكفي عمل اليد بغير العقل ، ولا يكفي عمل العقل بغير القلب ؛ فالحرفي يعمل بيده ، والمهني يعمل بعقله ، والفنان يعمل بقلبه وعقله ويده ، وما العمل إلا طريقاً نتخذه وصولاً إلى السعادة ، فالحكمة اكتشاف مفاتيح السعادة ، واعلم أنه الحياة هي السعادة ، ولكن أي حياة ، وما هي الحياة التي بمعنى السعادة ، تذكر أنه إذا كان للحياة معنى فإن للسعادة وجود ،
عزيزي خير ركاب المرء حكمته ونيته ، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن سمعها ولا يبالي من أي وعاء خرجت ، ومن الحكمة أن تحافظ على نفسك باحترامها كي يحترمها الآخرين ؛ حين تفقد احترامك لنفسك يكون من الصعب على الآخرين أن يحترموك ، وتحري الصدق أمر مطلوب في كل الشؤون ، فابتعد عن الكذب ، ولو كنت تاجراً فاعلم بأنه قد خاب وخسر المنفق سلعته بالحلف الكاذب ، والنجاح يأتي خطوة بخطوة ، غير أن الخطوة الأولى لتحقيق النجاح هي الاستيقاظ من الأحلام ، وكن ثابت الخطى وتيقن أن ثمة خطوة واحدة بين النصر والخذلان ، واعلم أن الكيس لا يخطو خطوة إلا أن تكون على نهجٍ لا يخالطه ريب ، خير الرجال من تقيد بأحكام النبوة ،واستمع لناصحك بتأنٍ وروية ، فالدين النصيحة ، والتريث مطلوب ؛إذ خير للمرء أن يقال عنه جبانا من أن يكون متهوراَ ، على أن المرء يجب أن يكون شجاعاً ، فالشجاعة تاج تتزين به هامات الرجال وتتشرف به قلوبهم ، الشجاعة عزيزة يضعها الله فيمن شاء من عباده ، إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية ، فالزمها دائماً يقف الحق بجانب الشجعان ؛ لأن الشجاع لا يحتاج لأن يفعل ما يثبت به شجاعته من ظلمٍ أو نحوه ، والرجل الذي توفرت فيه الشجاعة بلا استقامة لا يعدو أن يكون قاطع طريق الشجاعة كي يخطوها المقدم على أمرٍ ، فمن مرادفات الشجاع " المقدام " أي الذي يقدم على أي شيء ، لا يخاف المواجهة ، ولكن ما الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المرء ؟ ، وكيف يكون المرء شجاعاًً ؟
إن لكلٍ منا رأيه الخاص في الشجاعة ، وتعريفه الذي يقيد به حدود الشجاعة ومعالمها ، ولكن يتحكم بنا أمرٌ وهو طباعنا التي نشأنا عليها ، فما وافق منها الشجاعة أقمناه ، وما جانبها تركناه ، قال الشاعر :
وَكُلٌّ يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ وَالنَدى
وَلَكِنَّ طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ قائِدُ
وأقصى ما يخاف منه المرء زواله عن هذه الدنيا ، بيد أنه هل من خالدٍ بها ؟ ، محصنٌ بوجه الموت والفناء ، وهل إذا جبن المرء سيقف الجبنُ حائلاً دون الموت ؟ ، قال الشاعر :
وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ
فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا
ويرى بعضهم أن قعودهم دون صنائع الشجعان إنما هو العقل والتأني والتروي . قيل :
يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ
وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ
ولتعلم أخي أن الشجاعة عزيزة يضعها الله فيمن شاء من عباده ، إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية
والشجاعة تورث عزة النفس وكرامتها ؛ إذ لا كرامة لمن لا يتحلى بالشجاعة في مواطن الشجاعة والإقدام ، وأنى يعيش المرء بلا عزة نفس ، قال الشاعر :
عِش عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَريمٌ بَينَ طَعنِ القَنا وَخَفقِ البُنودِ
لا كَما قَد حَيّتَ غَيرَ حَميدٍ وَإِذا مُتَّ مُتَّ غَيرَ فَقيدِ
فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ الذُل لَ وَلَو كانَ في جِنانِ الخُلودِ
لا بِقَومي شَرُفتُ بَل شَرُفوا بي وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي
وقال آخر :
فلا تَتَّكِلْ إلا على ما فعلتَهُ ولا تحسبنَّ المجدَ يُورَثُ بالنسبْ
فليس يسودُ المرءُ إلا بنفسه وإن عَدَّ آباءً كراماً ذوي حسبْ
وقال غيره :
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ
وإليك ما يغفل عنه كثير من الناس ، وإن كانوا يدركونه ، وهو أنه من يهن نفسه لن تجد له من مكرم ، ولن يشعر هو بذل الهوان ؛ إذ إنه ميت الإحساس بذلك ، قال الشاعر :
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ما لِجُـــــرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ
وما الوصول لعزة النفس وارتفاعها عن ما يشينها بسهل البلوغ ؛ الرأس المرفوع بشمم يتطلب نفساً عالية الإباء ، وكن كما قال الشاعر مفتخراً بنفسه وقومه ، وما الافتخار بمجرد العبارات فقط ؛ إنما بالعمل والخلق القويم وبإيثار النفس وبرفعها عن الدنيء من الفعل ، قال الشاعر :
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
أَعَزُّ بَني الدُنيا وَأَعلى ذَوي العُلا وَأَكرَمُ مَن فَوقَ التُرابِ وَلا فَخرُ
وثمة أمور إذا لم تخالط نفس المرء فهو محمود ؛ فقد قال الشاعر :
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَـــــديهِ جَمـــــــيلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلــــــــى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ


وإذا امتطيت الشجاعة فعليك الحذر ؛ الشجاعة بلا حذر حصان أعمى ،
وأمامك أمران : إما أن تكون ذا عقل ولربما أعياك بالتفكر ونحوه ، أو أخو جهالة ووصب يصيبك بغياب العقل ، قيل :
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
ومن مساوئ غياب العقل أو نقصه فساد الذوق ، والذوق السيئ يقود إلى المكاره ، وإياك والجزع إذا تأخر الرزق ، فما دمت حياً فسيرزقك الله من حيث تدري أو لا تدري .
الرِزقُ لا تَكمَد عَلَيهِ فَإِنَّهُ يَأتي وَلَم تَبعَث إِلَيهِ رَسولا
وليتأنى كلٌ في قضاء أموره بحيث لا يجعل العجلة تغلب عليه فيفسد عمله ، وليترفق في طلب أموره وشؤونه ومواقفه
الرِفقُ يُمنٌ وَالأَناةُ سَعادَةٌ فَتَأَنَّ في أَمرٍ تُلاقِ نَجاحا
وقيل :
الرفقُ يمنٌ وخير القول أصدقه وكثرة المزح مفتاح العداواتِ
وثمة فلسفة إذا ما عقلها المرء لم تغب عنه السعادة ولم يعجزه نأيها ونفورها ، فعلى المرء أن يطلب السعادة حيث البؤس ، وليحذر من البؤس في رحم البهجة ، فالسعادة تولد في البؤس ... والبؤس يختبئ في السعادة
وإذا ما نظر الرائي منا إلى نفسه فلن تغفل عينه عن عيب بها ، غير أنه لا يظهر أحياناً لأعين الناس ، عيبك مستور .. ما أسعد حظك ، وما لك أخي القارئ من بدٍ في محك الحياة ، حلوها ومرها ، وبيدك الأمر ، فكيف تمهد لها تجدها . واعلم أنه ما أتت الدنيا طيعة لأحد ، فلابد من التضحية والفداء والمثابرة وقوة الإرادة .
غَلَتِ الحَيَاةُ فَإِنْ تُرِدْهَا حُرَّةً كُنْ مِنْ أُبَاةِ الضَّيْمِ وَالشُّجْعَانِ
وَاقْحَمْ وَزَاحِمْ وَاتَّخِذْ لَكَ حَيِّزاً تَحْمِيهِ يَوْمَ كَرِيهَةٍ وَطِعَانِ

ولا خيار ثالث للأنفس الأبية فإما حياة كما تريدها هي أو الموت فخو أكرم
. فأما حياة ...... وأما الفناء أشرف للبشر
20.السعي الى العلم
والسعي إلى العلم من أجل الفضائل ، ولا سيما التفقه في الدين ، فمن أراد الله به خيراً يفقهه في الدين ، وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، وتخير أهل النصح ، فإن النصيحة فن يهبه الله لبعض عباده ، كما وهب لبعضهم العقل دون فضيلة النصح ، ولربما اجتمعا النصح والعقل عند واحدٍ فتجب طاعته ، إذ إن بعض الناصحين لا ينصحك بمعروف ، وبعض العاقلين لا يوفق في نصحك .
فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ وَما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ
وَلَكِن إِذا ما استَجمَعا عِندَ واحِدٍ فَحقٌّ لَهُ مِن طاعَةٍ بِنَصيبِ

وليستجمع كل منا قوته وشدته ، ولكن ربما رجعت عليه هذه القوة بالتحطم ، فليست كل القوة شدة ؛ قوة الخيزران في مرونته ،وقيل لا تكن يابساً فتكسر ولا ليناً فتعصر ، والكرم خير ما يتصف به المرء ، فالكريم يحس نفسه غنياً دائماً ، ولا مكان للكسل مثل ضعاف الناس ؛ فهو ينمو ويترعرع ، تغذيه أوهام وأماني ، الكسل ملجأ العقول الضعيفة ، فاسع لطلب شأنك وتحرر كل دقيقة من الكسل ، واقحم باب الراحة من المشقة ، لا تدرك الراحة إلا بالمشقة ، وليكن الرفق واللين ممشاك ، واحرص على أن لا ينطق لسانك إلا حسن الكلام ؛ الكلام الحسن درع ، هوه يدل على لباقتك وذوقك الرفيع ، ولا يتأى هذا إلا بشيء لا يكلفك شيئاً ، وهو الإنصات لكلام غيرك ، كن مستمعاً جيداً لتكون متحدثاً لبقاً ، وثمة أمر يهد القلوب وهو القلق والجزع على ملمات الأمور ، فعلى الإنسان أن لا يذهب جهده وتفكيره في موقف طارئ أو غير طارئ ؛ لأنه لا يدوم هذا ولا ذاك .
لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ
وقيل :
لا تَيأَسَنَّ من اِنفِراجِ شَديدَة قَد تَنجَلي الغَمَراتِ وَهيَ شَدائِد
كَم كُربَة اِقسَمَت اِن لَن تَنقَضي زالَت وَفَرجُها الجَليلُ الواحِد
وكن عفاً في تعاملك أريحياً في مخالطتك ، لا شيء يرفع قدر المرء كالعفة ، واحذر من أن يجرك لسانٌ بإسلوبه وبراعته ، وليكن عقلك حاضراً ، لا شاكاً في غيرك بل متحفز العقل نافذ البصيرة ، فطن التأمل ، قيل :
لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ
إن الإنسان الفطن لا يغيب عنه شيء ، وإن غاب يستدرك أمر ، وإن فاته الاستدراك فتسعفه الحكمة في تناول الأمور ومجابهة الملمات ، وإدراك السؤدد والعلا .
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيِّدٌ فَطِنٌ لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ
غير هذا عليه التجمل بالصبر ، وتسهيل الصعب ، وبسط الأمور .
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
وليكن أملك أو ما تطمح إليه عالياً ، فإن التعب واحد ، والمشقة نفسها التي تجابهها في الأمر الصغير هي التي تجابهك في الأمر العظيم ، فليكن طموحك كبيراً .
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

21.تحديد الهدف
الإنسان يبلغ بإرادته الهدف الذي وضعه لنفسه مهما كان صعب المنال ، فللإنسان قوة جبارة في بلوغ الهدف عندما تكون الهمة عالية ، لو تعلقت همة أحدكم في الثريا لنالها ، ومن الله التوفيق والسداد . ولكن يتفاوت الناس في بلوغ مآربهم وغاياتهم ، ذلك لما للمشقة من وقعٍ على النفس البشرية ، وعلى بعض الناس فقط الذين نحرص على أن لا نكون منهم ، أولئك الناس هم ضعاف النفوس وصغارها .
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ
هذه هي الحياة ، فليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله .
ومجمل القول أن كل ذلك يتركز في كلمة واحدة ، يضعها كل إنسان نصب عينيه ، وهي الهمة .
ما الجودُ عَن كَثرَةِ الأَموالِ وَالنَسبِ وَلا البَلاغَةُ في الإِكثارِ وَالخُطَبِ
وَلا الشَجاعَةُ عَن جِسمٍ وَلا جَلَدٍ وَلا الإِمارَةُ إِرثٌ عَن أَبٍ فَأَبِ
لكِنَّها هِمَمٌ أَدَّت إِلى رِفَعٍ وَكُلُّ ذلِكَ طَبعٌ غَيرُ مُكتَسَبِ
وَرُبَّ مَحمودِ فِعلٍ ما لَهُ حَسَبٌ إِلّا صَنايِعُ جاءَتهُ مِن الأَدَبِ
فَجَلَّلَتهُ بِعِزٍّ بَعدَ مَخمَلَةٍ وَرَتَّبَتهُ مِنَ الإِفضالِ في الرُتَبِ
وليتذكر أحدنا دائماً : " ليس الشديد بالصرعة ..." وعلى المرء أن يتمهل في أمر جلل ، وهو الحكم على أي شيء ، لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة .
ولا تتوانى في تنفيذ شأنك لبلوغ سؤلك ، أو لأسداء معرف أو لدحض مكروه ؛ فلربما سبق عليه أحد فتلوم نفسك على تأخيره ، لكل شيء رأس ، ورأس المعروف تعجيله ، ولكل شيء عدو وعدو العقل هو الجهل ، والنية مطية المؤمن ، والأعمال بالنيات ، والنية أبلغ من العمل ، فلربما تبلغ المقصود بنيتك لا بعملك ، لذا ما أرى عجزاً في البشر كالعجز عن النية ، وكلٌ ميسر لما خلق له .
ما كلف الله نَفْساً فوقَ طَاقتها ولا تَجُود يدٌ إلاّ بما تَجِدُ
ولا تجعل الكبر يأخذك عن المشورة جانباً فلا خاب من استشار، ماهلك امرؤ عن مشورة ، ومن شاور كثر صوابه ، فإذا شاورت عقلك وأهل المشورة فلا تتردد في تفعيل قرارك وتنفيذه ؛ فالمتردد في البدء يتأخر في الوصول ، ولا تعيقك الصعاب واعلم انك لابد ملاقيها ، ومتى بلغت المصائب حدها زالت ، وليس هذا بالتخويف والتشاؤم بل هو واقع غلب على مجرياتنا ، غير أن المتفائل يجعل الصعاب فرصاً تغتنم . والمتصبر حليفه النجاح ؛ فمن أسباب النجاح .... الصبر .
جمِّلْ نفسك بالخلق الحسن كما تجمل مظهرك باللباس الحسن ، واحرص على أن تربي ابنك ونفسك التربية المثلى ، وهل أفضل من الأدب الحسن ؛ ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن ، ولربما كانت البسمة مفتاح لما صعب عليك فتحه ، وعلامة على أدبك الحسن ، وعلى الرغم من هذا نجد أن معظم ابتساماتنا تبدأ بابتسامة شخص آخر ، فلما لا نكون نحن من يبادر بهذه النعمة ، وقد يقول قائل : التبسم يزيل المهابة فأجبه :
والجد يكسو الوجه منك مهابة وكذا التبسم للقلوب ضياها
فاجعلن بينهما لنفسك مسلكاً وانفذ بنفسك من شرور هواها
ولربما حال دون التبسم حائل كسوء تفاهم أو نحوه أو وشاية ونحوها ،حينئذٍ لابد للتسامح من موطئ قدم ، واعلم أن التسامح من السهولة ما يصعب على النفوس أن تبادر به ، إلا النفوس الكبار ، فالنفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح .. ، ومن صلاح الشأن أن يبدأ الإنسان بنفسه قبل غيره ، من تقويم ونقدٍ وتصويب وملاحظة ،فإذا كان هذا فإنه عين الصواب . قيل :
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ
واخلع أخي الكريم على نفسك ثوب التجريب وعدم القول إنه ليس بمقدورك فعل هذا أو القيام بذاك .
وإن حدثتك النفس إنك قادر على ما حوت أيدي الرجال فجرِّبِ
غير أنه لا يتم شيء بغير تخطيط ، لذا نرى الفشل عند بعض الناس ، فهم لا يقصدون الفشل أو يتلذذون به ؛ لا يعقل هذا ، وانهم يفشلون في التخطيط السليم ، بعض الناس لا يخططون من أجل الفشل ولكنهم يفشلون في التخطيط ، ومن أصول التخطيط والتنفيذ أن لا تجعل التشاؤم يتسرب إلى عقلك مطلقاً ، إذ لا فائدة تجنيها من وجوده ، فالمتشائم لا ينظر إلا بعين الفشل والسوء ، وبعين النقيصة ولا يرى من الليل إلا ظلامه ، فلا يرى النجوم والقمر والسمر والهدوء ، فإياك والمتشائم ، واهرب منه ما كان الهروب ممكناً ، والأفضل من الهروب أن تزيل تشاؤمه ما استطعت ، كي ينظر إلى الدنيا بعين الفأل ،وقيل :
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
،واجعل أيها القارئ من قطرة الماء مثالاً للتصميم ، فإن نقطة الماء المستمرة تحفر عمق الصخرة ، فالمثابرة والصبر أمران لا غنى لك عنهما لتحقيق مأربك وتكوين كيانك ، وبناء صرحك :
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ولا تعيقك الشدائد والمصاعب عن تحقيق أمانيك ، كي لا تبقى على هامش الحياة فتكون زائداً على الدنيا .
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
وربما يرى بعض الذين تخونهم إرادتهم وفيصل حزمهم أن القعود عن الحاجات إنما هو عقل وروية .
يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ
وكل ما يعترض الرجل يحتاج إلى شجاعة :
وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ
وأساس الشجاعة أن يكون المرء ذا تقوى ؛ فقد قيل :
واتق الله فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرقاً بطلا إنما من يتقي الله البطل
وثمة أمر في الأهمية غاية ، وهو الطموح ، فالطموح هو الذي يقودك إلى رتبٍ عليا ، لذا يجب أن يكون القلب بحجم الطموح كما ينبغي للطموح أن يكون صلباً ،
وقيل :
وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ
وقيل :
مَن كانَ مَرعى عَزمِهِ وَهُمومِهِ رَوضُ الأَماني لَم يَزَل مَهزولا
وليتخلق الإنسان بأحسن الخلق وأقومه ،ولا خلق كالكرم والجود ، قيل :
يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
واعمل على أن يكون لك موطئ قدم في صنائع المعروف والخير ،ولا تتردد في أمر يقودك إلى المكرمات والإحسان
مَن يَفْعل الخيرَ لا يَعْدَم جَوازِيَه لا يَذْهبُ العُرْفُ بين الله والناس
وقيل أيضاً :
مَنْ كانَ للخَيرِ مَنّاعاً فليسَ لَهُ على الحَقِيقَةِ إخوانٌ وأخْدانُ
وهذا كله لا يأتي إلا من خلال النفوس السليمة ، والنفوس السليمة لا تكون إلا بالترفع عن النقائص ،
وَإِذا النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ
وحفظ اللسان نصف المعروف ، بل المعروف كله وإذا لم تستطع أن تفيد غيرك بفعلٍ ما فاعمل على إفادته بتركك ما يضره :
إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ
فعليك بأن تجعل لكل كلمة ميزاناً تمر عليه ، فمقتل الرجل بين فكيه ،
ومن كثر كلامه قل احترامه ، والصمت من شيم الأكارم ، فلا يقل أحدنا إلا ما هو خير وصحيح ، من عادتي أن أسكت عما أجهله ،ومن أروع ما قيل : لا أدري، ونصف العلم قول لا أدري ، ولتجعل أخي من عاداتك أن لا تشكو لأحدٍ ، فلا مفرج غير الله ، وثمة أشياء يحبب كتمانها من كنوز البر كتمان المرض والمصائب والصدقة ،
وان الهموم لا تدوم
وَكُلُّ الحادِثاتِ إِذا تَناهَت فَمَوصولٌ بِها فَرَجٌ قَريبُ
ولا تسلم أمرك لحسن النوايا دائماً ، إذ إن النفوس ليست واحدة ، ولربما يؤخذ الانسان وهو في غفلة أو حسن نية ، فيجر إلى أمورٍ لم تكن لتحدث لو أنه كان منتبهاً وحذراً ، فالحذر مطلوب ،
وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
وقيل : النية الحسنة عذر التصرف الأحمق
ولتكن لين الجانب فإن من لانت كلمته وجبت محبته ، ولا تؤخذ الأمور بغير الرفق فاليد اللينة تقود الفيل بشعرة ، الناس رجلان: رجل ينام في الضوء .. ورجل يستيقظ في الظلام ،








توقيع »





  رد مع اقتباس