عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /منذ 15 ساعات   #2

 
شخصية مهمة

الصورة الرمزية محمد الخضيري

 

محمد الخضيري غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 4803
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 المشاركات : 1,046
 النقاط : محمد الخضيري will become famous soon enoughمحمد الخضيري will become famous soon enough
 تقييم المستوى : 301

مزاجي
رايق
إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى محمد الخضيري
افتراضي

📜 تكملة القصة: “شمس الشرقاط وغدر تموز” — الفصل الثاني: لهب في طيبة

عدت إلى داري في مجمع طيبة السكني، هذا المكان الذي لطالما كان واحة للسكينة وسط ضجيج الحياة… داري التي اعتادت أن تستقبلني بنسمة ناعمة، وصمتٍ مريح، ورائحة الطمأنينة التي لا توصف.

تعوّدت أن أجد فيها الأمان، وفي كل زاوية من زواياها هدوء يشبه همس الأم في أذن طفلها النائم. حتى في أقسى أيام الصيف، كانت الجدران تخفف عني، والهواء يمرّ في الممرات كما لو كان يرفرف بجناحين من رحمة.

لكنّ اليوم لم يكن كسابقه…
دخلت الدار وقلبي يسبقني، أتوق لاحتضان ذلك الصفاء القديم، فإذا بي أصطدم بحقيقة جديدة:

الحرارة كانت قد سبقتني.

كأن شمس الشرقاط أرسلت خلفي رسولًا من اللهب، فوصل قبلي، وسكن في الجدران، واستلقى على الأرائك، واحتل الزجاج والممرات. لم يسبق لي أن رأيت مجمع طيبة بهذا الشكل. الجو خانق، الهواء حار كأنّه يخرج من تنور، والأثاث يئن تحت وطأة الشمس.

وقفت في منتصف الصالة، أنظر حولي وأتمتم:
“ما الذي جرى لطيبتي؟ أين النسمة التي كانت تمرّ من تحت الباب؟ أين برد الظلال الذي كان يحتضنني؟”

كأن تموز اليوم قرر أن يعلن تمرّده حتى على الأماكن التي كانت محصّنة ضده. لا مروحة نفعَت، ولا مكيّف صمد، ولا حتى الماء في الصنبور استطاع أن يكون بارداً بما يكفي ليطفئ العطش.

جلست على الأرض، أتنفس ببطء، وأفكر…
ربما هذا درس جديد من دروس الحياة، أن لا مكان محصّن تمامًا، وأن حتى أجمل الديار قد تتبدّل تحت سماء لا ترحم.

لكنّي أعرف، كما يعود المساء بعد القيظ، ستعود نسائم “طيبة” كما كانت…
فالدور لا تُقاس بدرجات الحرارة، بل بذكرياتها وأهلها.
وإن طال صيف تموز، فشتاء القلوب لا ينتهي في دار بنيت بالحب.

ولعل الشمس، وإن قست علينا اليوم… تُدخر دفؤها لغدٍ أجمل.

يتبع…








توقيع »





  رد مع اقتباس