زعيم الملتقى
25-01-2012, 08:39 PM
خليفة صالح المرشود (http://sabq.org/RnQMId)
بصفتي طالب طب، عشتُ ما يقارب السنة والنصف السنة بين المناهج الطبية "الإنجليزية"، أدرسها أنا وزملائي على مضض؛ لأننا رضينا بمصير اخترناه،وكنا نظن أن هذا هو الحال الأمثل، مع أن التذمر كان موجودًا، لكنه على خجل.. وأعيننا تجاه المتذمر بأنه الكسول المتهرب من مسؤوليته.. ومع الوقت أصبحت كلمات بعض أعضاء هيئة التدريس تدق أجراس الألم على واقع "طبنا المريض"؛ إذ يدرَّس بـ"لغة" غيرلغة الطالب المتلقي، وغير لغة المريض، وكانت ألسنتهم تحركها التجربة المريرة التي عاشوها عقودًا، بدءًا ببكالوريوس وانتهاء بالدكتوراه وأعلى!
.. لا يفتأ هذا الجرح زمنًا حتى نسمع وقع كلام أهلينا والمجتمع عن شكواهم تجاه أطباء، لا يجيدون التعرف على وصفهم "العربي" لمرضهم، ويكتفون بلغة الإشارة.. ويبدأ بعدها مسلسل الحظ، إما أن يكون الدكتور مجيدًا فيصيب، أو مهتزًا فلا يفهم ويُخطئ العلاج..
وبأي حق يخطئ! يخطئ بحق روح لها قدسية الصون والحفظ.
ولعل العلة التي يظنها الأغلبية تجاه "الإنجليزية" بأنها هي اللغة الأم للطب، وأن كل دول العالم تعتمد عليها في التدريس، ودراستنا للطب بـ"الإنجليزية" هي جسر التواصل مع العالم الآخر.. باتت علة هزيلة باطلة، في حين أن الدراسات التي أجراها عدد ممن حملوا الدكتوراه في الجانب الطبي يتضح من خلالها أن الدول التي تعلم الطب بـ"غير العربية" هي الدول التي خضعت وتأثرت بالاستعمار، أما ما يتعلق بدول الغرب كـ"السويد، والنرويج، وفلنندا، وفرنسا،وألمانيا، والنمسا" وغيرها.. يدرسون الطب بلغتهم،حتى إسرائيل التي جمعت اليهود من شتى أقطار العالم بلغات مختلفة، وبجامع "الدين لا اللغة".. يدرسون الطب بلغتهم العبرية، في حين أن العرب الذين يشكلون ربع بليون نسمة، ولديهم 90 كلية طب – كما تشير الدراسة – تدرس كلياتهم الطب بغير العربية إلا خمس كليات، ويا للأسف!!
والطامة الكبرى، التي تهدم آخر أعمدة تلك العلة، هي أن في اختبار المجلس التعليمي للطلاب الأجانب " ECFMG " ، الذي تقيمه أمريكا مرات عدة.. اتضح أن الطلاب السوريين الذين يتعلمون الطب في كلياتهم بـ"اللغة العربية" هم من الأعلى معدلات في الاختبار. علمًا بأن الاختبار يقام باللغة الإنجليزية!
واختتمت تلك الدراسة التي أجراها الدكتور زهير أحمد السباعي، أستاذ طب الأسرة والمجتمع في كلية الطب بجامعة الملك فيصل، والدكتور ماجد عثمان في جامعة الإمارات بأن نسبة المصطلحات الطبية في كتب الطب هي 3.3% أما ما سواها فهو كلام عادي، يسهل ترجمته، ويمكن صياغته باللغة العربية بشكل أفضل وأجمل.
.. وأختم مقالي هذا باقتباس لرئيس جامعة دمشق السابق "هاني مرتضى"، الذي تعلم الطب باللغة العربية، ثم واصل دراسته في كندا ثم أمريكا، قائلاً:"لم ألق أي صعوبة في التدريب واجتياز أي امتحان". وقد أخذت هذا الاقتباس من محاضرة بعنوان "تدريس الطب باللغة العربية" للدكتور عبدالرحمن بن عبدالله بن حجر، استشاري أنف وأذن وحنجرة عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، الذي له مقالات كثيرة تنافح وتدافع عن "اللغة العربية".. وأهمية تدريس الطب بها!
كاتب بصحيفة عاجل
بصفتي طالب طب، عشتُ ما يقارب السنة والنصف السنة بين المناهج الطبية "الإنجليزية"، أدرسها أنا وزملائي على مضض؛ لأننا رضينا بمصير اخترناه،وكنا نظن أن هذا هو الحال الأمثل، مع أن التذمر كان موجودًا، لكنه على خجل.. وأعيننا تجاه المتذمر بأنه الكسول المتهرب من مسؤوليته.. ومع الوقت أصبحت كلمات بعض أعضاء هيئة التدريس تدق أجراس الألم على واقع "طبنا المريض"؛ إذ يدرَّس بـ"لغة" غيرلغة الطالب المتلقي، وغير لغة المريض، وكانت ألسنتهم تحركها التجربة المريرة التي عاشوها عقودًا، بدءًا ببكالوريوس وانتهاء بالدكتوراه وأعلى!
.. لا يفتأ هذا الجرح زمنًا حتى نسمع وقع كلام أهلينا والمجتمع عن شكواهم تجاه أطباء، لا يجيدون التعرف على وصفهم "العربي" لمرضهم، ويكتفون بلغة الإشارة.. ويبدأ بعدها مسلسل الحظ، إما أن يكون الدكتور مجيدًا فيصيب، أو مهتزًا فلا يفهم ويُخطئ العلاج..
وبأي حق يخطئ! يخطئ بحق روح لها قدسية الصون والحفظ.
ولعل العلة التي يظنها الأغلبية تجاه "الإنجليزية" بأنها هي اللغة الأم للطب، وأن كل دول العالم تعتمد عليها في التدريس، ودراستنا للطب بـ"الإنجليزية" هي جسر التواصل مع العالم الآخر.. باتت علة هزيلة باطلة، في حين أن الدراسات التي أجراها عدد ممن حملوا الدكتوراه في الجانب الطبي يتضح من خلالها أن الدول التي تعلم الطب بـ"غير العربية" هي الدول التي خضعت وتأثرت بالاستعمار، أما ما يتعلق بدول الغرب كـ"السويد، والنرويج، وفلنندا، وفرنسا،وألمانيا، والنمسا" وغيرها.. يدرسون الطب بلغتهم،حتى إسرائيل التي جمعت اليهود من شتى أقطار العالم بلغات مختلفة، وبجامع "الدين لا اللغة".. يدرسون الطب بلغتهم العبرية، في حين أن العرب الذين يشكلون ربع بليون نسمة، ولديهم 90 كلية طب – كما تشير الدراسة – تدرس كلياتهم الطب بغير العربية إلا خمس كليات، ويا للأسف!!
والطامة الكبرى، التي تهدم آخر أعمدة تلك العلة، هي أن في اختبار المجلس التعليمي للطلاب الأجانب " ECFMG " ، الذي تقيمه أمريكا مرات عدة.. اتضح أن الطلاب السوريين الذين يتعلمون الطب في كلياتهم بـ"اللغة العربية" هم من الأعلى معدلات في الاختبار. علمًا بأن الاختبار يقام باللغة الإنجليزية!
واختتمت تلك الدراسة التي أجراها الدكتور زهير أحمد السباعي، أستاذ طب الأسرة والمجتمع في كلية الطب بجامعة الملك فيصل، والدكتور ماجد عثمان في جامعة الإمارات بأن نسبة المصطلحات الطبية في كتب الطب هي 3.3% أما ما سواها فهو كلام عادي، يسهل ترجمته، ويمكن صياغته باللغة العربية بشكل أفضل وأجمل.
.. وأختم مقالي هذا باقتباس لرئيس جامعة دمشق السابق "هاني مرتضى"، الذي تعلم الطب باللغة العربية، ثم واصل دراسته في كندا ثم أمريكا، قائلاً:"لم ألق أي صعوبة في التدريب واجتياز أي امتحان". وقد أخذت هذا الاقتباس من محاضرة بعنوان "تدريس الطب باللغة العربية" للدكتور عبدالرحمن بن عبدالله بن حجر، استشاري أنف وأذن وحنجرة عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، الذي له مقالات كثيرة تنافح وتدافع عن "اللغة العربية".. وأهمية تدريس الطب بها!
كاتب بصحيفة عاجل